بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا
من المعروف بأن الحركة الصهيونية تحولت من مجرد فكرة وحلم إلى واقع حياتي ملموس. وقد تحقق هذا الواقع بفعل عدد من الآليات، أهمها إعداد جيل من الصهاينة حوّل الخرافات والأساطير التلمودية إلى واقع، وهذا الواقع هو نفسه الذي تبلور للاستيلاء على أرض فلسطين.
فكان التعليم هو الحقل الأهم الذي أعدّ ذلك الجيل كمقدمة لذلك الاستيلاء. لذلك قامت الحملة الصهيونية العالمية على تأسيس الجامعة العبرية في القدس عام ١٩٢٥. كما أقامت معاهد الإنتاج الحربي وتدريب الصهاينة على استخدام السلاح. مثل معهد "التخنيون" الذي أسس في حيفا عام ١٩١٢، لأن الصهيونية أدركت أن السلاح هو صاحب الكلمة الذي سيكرس أنواع الاحتلال.
فأقامت المدارس الزراعية على أرض فلسطين بهدف ربط يهود الشتات بهذه الأرض. لذلك فإن معظم قادة هذا الكيان حملوا هذا النوع من التعليم.
بالإضافة إلى المدارس الدينية التي كان هدفها تخريج قادة روحيين لهذا الكيان.
ولأنها كحركة دخيلة كانت تدرك أهمية التعليم، فقد سعت إلى تدمير انواع التعليم على مستوى فلسطين وبقية الدول العربية.
وما دفعني لكتابة هذه السطور فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي تم تصويره في غرفة صفية في إحدى المدارس التابعة لدولة الاحتلال لطلاب يبدو أنهم لا زالوا في المرحلة الابتدائية لحصة حضرها زوار من الواضح أنهم مشرفين صهاينة.
وكانت المحاور التي دارت حولها الحصة هي محاور عقدية، حيث طرحت المعلمة عدد من الأسئلة على طلابها منها: من منكم يعتقد أن المعبد سيتم بنائه خلال السنوات القليلة القادمة؟
ما الموجود مكان المعبد الآن؟
فكانت إجابة أحد طلابها: المسجد الأقصى.
ثم تبادرهم بسؤال آخر: ماذا سيحدث للمسجد الأقصى؟
فتأتيها الإجابة من آخر: سينهدم، سينفجر، سيختفي...
وتواصل المعلمة أسئلتها التي تعكس الأفكار المتطرفة التي تدرس لطلاب المدارس في دولة الاحتلال.
وتظل تطرح الأسئلة وتتلقى الإجابات إلى أن وصلت إلى طرح سؤال خطير مفاده:
كيف ترون القدس خلال العشر سنوات القادمة؟
فيجيب أحد الأطفال: أنا أعتقد أنه سيكون فيها بعض العرب ولكن كعبيد لنا ليس إلا.
وهنا تعقب المعلمة قائلة: نعم أحسنت لأن الدجال سيكون قائدنا وسيكون هناك حرب هائلة سيموت بها كل العرب إلا القليل منهم سنبقيهم عبيد لنا...
هكذا أعدوا أطفالهم.
أعدوهم من خلال تثبيت أيديولوجيات خطيرة وهي من ثوايتهم التي تلقوها من تلاميدهم ،منها أن المسجد الأقصى يجب هدمه لإقامة هيكلهم المزعوم.
كما علموهم أن يكرهوا العرب إلى حد قتلهم. كما علموهم أن العرب عبيد لهم على التي يزعمون أنها أرض أجدادهم ولا أحقية لعربي بها. أعدوهم لمعركة الدجال الكبرى وزرعوا فيهم أنهم المنتصرون.
ونحن..
كيف أعددنا أطفالنا اليوم؟ بل كيف أعدتهم المدارس بمناهجها المتصهينة، بعد حذف أسوار عكا وبرتقال يافا وحائط البراق وبحر حيفا، والأهم حذف فلسطين داري ودرب انتصاري؟
أين مدارسنا اليوم من حرب الإبادة الجماعية بحق أهلنا في غزة وأطفال غزة؟ هل طلبنا من طلابنا أثناء الطوابير الصباحية وهم يرتدون أجمل ثيابهم أن يقفوا لحظة حزن ويقرأوا خلالها فاتحة الكتاب على أرواح أطفال بأعمارهم كان يفترض أن يكونوا مصطفين في طوابير مشابهة لطوابيرهم ويرتدون مثلهم أجمل ما لديهم في مدينة الحرب التي تسمى غزة, أم أننا أغرقناهم بالحلوى وأناشيد الصباح وأنسيناهم متقصدين ما يحصل هناك خوفا من سوط حكامنا؟
وكيف لنا أن نأمل يوما من أجيال لم تسمع بفلسطين ونحن ساهمنا في طمسها من ذاكرتهم، أن تحرر فلسطين وتجابه جيل صهيوني أعدته دولة العدو بكل أنواع الكراهية والحقد الأسود والإرهاب والارتباط بالأرض؟
كيف لنا أن نعوّل على جيل قفز الأرنب، جاء الثعلب والعصفور صو صو ونحن من يضرب لهم على الوتر ليرقصوا ونرقص معهم على أنغام أنا ومن بعدي الطوفان؟
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..