كتبت صحيفة "الأخبار" تقول: يحطّ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بعد أيام قليلة في واشنطن، حيث سيلتقي بدايةً الرئيس الأميركي، جو بايدن، ثم سيلقي خطاباً أمام الحزبيْن في «الكونغرس».
ومن المتوقّع أن يتّخذ نتنياهو مواقف متشدّدة وعالية السقف في خطابه المنتظر، وأن يستعرض «الإنجازات» المزعومة التي حقّقها جيشه في قطاع غزة. كما من المنتظر أن يطلب مزيداً من الدعم الأميركي للحرب الإسرائيلية «الناجحة»، بحسب ادّعائه، على القطاع، حتى تحقيق كامل أهدافها، مع تحميله حركة «حماس» مسؤولية تعطيل المفاوضات والتوصّل إلى صفقة تبادل.
وقبيل توجّهه إلى العاصمة الأميركية، تحاول المؤسسة الأمنية، بشخص وزير الأمن يوآف غالانت، ورئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي، إضافة إلى عائلات الأسرى الإسرائيليين، تسليط أكبر قدر ممكن من الضغوط على نتنياهو، لدفعه إلى المضيّ قدماً في مفاوضات صفقة التبادل مع المقاومة الفلسطينية، لكنّ الرجل لا يفتأ يصلّب مواقفه، ويضع شروطاً فوق الشروط، بما يوضح لجميع الأطراف، داخل الكيان وخارجه، أنه لا يريد التوصّل إلى اتفاق.
وكان آخر مواقف نتنياهو في هذا السياق، إعلانه، أمس، خلال حفل التأبين الرسمي لقتلى عملية «الجرف الصامد - 2014» في قطاع غزة، أنه «ليست لدينا أي نية لخسارة هذه المواجهة (...) سوف نُسقط حكم حماس، وسنحبط أي تهديد مستقبلي من غزة على إسرائيل، وسنعيد جميع الأسرى إلى بيوتهم».
وكرّر نتنياهو القول إن «حماس تتعرّض للضغوط لأننا ثابتون على مطالبنا رغم كل الضغوط»، معتبراً أن «هذا هو بالضبط الوقت المناسب لزيادة الضغط، وإعادة جميع الأسرى، الأحياء والأموات على حد سواء، إلى ديارهم، وتحقيق جميع أهداف الحرب».
وقبل ذلك، قال نتنياهو، في لقاء طويل عقده مع أقارب المجنّدات اللاتي سقطن أسيرات في غزة، إن «الهدف الكبير والمهم هو هزيمة العدو، أي ليس حماس فقط، بل إيران وكل أذرعها». كما أوضح للعائلات أنه «يريد حقاً التوصّل إلى اتفاق بشأن الأسرى ومن أجل ذلك هناك حاجة إلى ضغط عسكري على حماس، وهذا ما سنفعله».
وبحسب المشاركين في اللقاء، فإن «رئيس الحكومة تحدّث عن فشل المستوى العسكري، وعن فشل استخباراتي خطير، وعن فشل عملياتي، ولم نسمع عن تحمّله المسؤولية».
وفي المقابل، أطلق غالانت مواقف معاكسة، تعبّر عن توجّه المؤسسة الأمنية التي تدفع نحو إبرام صفقة التبادل مع حركة «حماس». وقال غالانت، أمس، إن «إعادة المختطفين إلى بيوتهم مسؤولية وواجب وطني»، مشيراً إلى أن «هناك نافذة لصفقة تبادل، والظروف نضجت لذلك، وعلينا مسؤولية إعادة أبنائنا وبناتنا إلى بيوتهم».
وأضاف: «علينا التعامل مع التحدّيات التي ستنجم عن أي قرار نتخذه بشأن الصفقة». وأعاد التأكيد أن «لدى الجيش القدرة على العودة إلى العمليات العنيفة بعد أي صفقة»، وهو نفسه التبرير الذي تروّج له المؤسسة الأمنية، متمثّلة في الأجهزة والجيش، في سياق الدفع نحو توقيع الصفقة.
وفي الإطار عينه، نشر الجيش الإسرائيلي بياناً، أمس، زعم فيه اغتيال نصف القيادة العسكرية لحركة «حماس»، واعتقال أو قتل 14 ألفاً منذ بداية الحرب. ووفق البيان، فإن قائد «كتائب القسام»، محمد الضيف، ليس ضمن المغتالين، على رغم زعم مسؤولين إسرائيليين نجاح محاولة الاغتيال الأخيرة التي طاولته.
ورأى المحللون الإسرائيليون أن «البيان الذي أصدره الجيش الإسرائيلي هو للتفاخر بإنجازاته في الحرب، وهو يتزامن مع تصريحات غالانت الذي قال إن حماس تشارف على الانهيار عسكرياً». وأضافوا أنه «من الواضح أن هناك تنسيقاً في المواقف لعرض صورة انتصار أمام الجمهور الإسرائيلي، لتفعيل ضغوطات على نتنياهو للقبول بالصفقة».
وفي هذا السياق، أشار مراسل «القناة 13»، رفيف دروكر، إلى خلافات وتبادل اتهامات بين نتنياهو وقادة المنظومة الأمنية حول صفقة التبادل، إذ إن «رئيس الوزراء يتّهم قادة المؤسسة الأمنية بفرض مقترح بايدن عليه»، فيما يقول مسؤول أمني رفيع، بحسب دروكر، إن «وضع الصفقة قاتم، ونتنياهو وضع شروطاً لا يمكن لحماس قبولها، ومنها تواجد الجيش على محور نتساريم لمنع مرور المسلحين».
وأوضح مصدر أمني آخر، بدوره، أن «أحد أسباب عدم اتخاذ إسرائيل قراراً حول اليوم التالي للحرب، هو عدم قبول نتنياهو بالخطة التي وضعها غالانت، رغم أنها ليست بعيدة عن خطة نتنياهو نفسه، ورفض الأخير لها هو لأسباب شخصية فقط».
وفي خضمّ ذلك، التأم «الكابينت» الأمني والسياسي الموسّع، مساء أمس، لمناقشة مفاوضات صفقة التبادل، والتي لم يتحدد موعد جديد لها بعد، سواء في الدوحة أو القاهرة. وبينما يترقّب الوسطاء نتيجة المباحثات التي يجريها المسؤولون الأميركيون في واشنطن مع نظرائهم الإسرائيليين، تزايد منسوب التشاؤم بالوصول إلى اتفاق.
ويأتي ذلك فيما تفيد مصادر مصرية مطّلعة بأن «النقاشات بين المسؤولين المصريين والإسرائيليين، خلال اليومين الماضيين، تركّزت حول التراجع الإسرائيلي عن الانسحاب من محوري فيلادلفيا ونتساريم في قطاع غزة، على الرغم من أن الانسحاب من المحورين لم يكن موضع رفض إسرائيلي مطلق، خلال الاجتماعات التي جرت في القاهرة والدوحة الأسبوع الماضي».