• لبنان
  • الجمعة, تشرين الثاني 22, 2024
  • اخر تحديث الساعة : 11:38:34 م
inner-page-banner
الأخبار

«حكماء التوراة» يتمرّدون: لا للتجنيد... ولو سقط نتنياهو

بيروت حمود ـ الأخبار

أعلى زعماء التيارات الحريدية أصواتهم ضد أوامر التجنيد المتوقع إرسالها قريباً إلى طلاب المعاهد الدينية، للامتثال للخدمة العسكرية. وبرزت، في هذا الإطار، رسالة زعيم التيار الحريدي اللتواني، ورئيس «ييشيفاة سالبوديكا» في مدينة بني باراك، الراف دوف لاندو، والتي نُشرت على غلاف صحيفة «ييتد نئمان» الحريدية، وتوجّه فيها إلى أبناء المعاهد التوراتية بالقول إنه «على مدى سنوات الحكم الطويلة هنا في البلاد، كان التفاهم مع سلطات الجيش على أن أبناء الييشيفوت (المعاهد التوراتية) والكولِليم (المعاهد التوراتية للمتزوجين) لا يُجندون، وبتعليمات من الحكماء الكبار، كان الجمهور الحريدي يتعاون مع الجيش، ويستجيب للاستدعاء الأولي ريثما يتم تنظيم قانونية التأجيل، عبر الحصول على مكانة تلميذ ييشيفاة (لكل طالب تلقّى الأمر الأولي)».

وهاجم لاندو قضاة المحكمة «العليا»، معتبراً أن «المحاكم أعلنت الحرب على عالم التوراة، والقضاة فتحوا جبهة وجاؤوا لتغيير الترتيب الذي كان قائماً طوال هذه السنوات، بأمرهم الجيش بالبدء بعملية التجنيد الفعلية لـتلامذة الييشيفوت، وبما أن الجيش ملزم أمام المحاكم، فمن الضروري ألا نعتمد على التفاهمات معه، حيث إن أيديه مقيدة بسلاسل حديدية من قبل القضاة، وكل امتثال لأوامر المحاكم هو بمثابة الاستسلام لحربهم ضد الرّب وتوراته».

وطالب الشبان الحريديون بعدم الامتثال لمكاتب التجنيد حتّى لو تلقوا الأوامر بذلك، قائلاً: «بناء على ما سبق، فإن الأوامر لأبناء الييشيفوت هي عدم الامتثال أو الحضور مطلقاً إلى مكاتب التجنيد، وعدم الاستجابة لأي دعوة أياً كانت، حتّى للأمر الأولي. تبارك اسمه، سينقذنا من أيديهم، وسيكون لنا شرف رؤية جموع طلاب التوراة المنغمسين في دراستها، يتأملونها ليل نهار...»

وفي وقت سابق، انتقد لاندو، في اجتماع مع الحاخامات، بشدة، قرار وزير الأمن، يوآف غالانت، إصدار أوامر التجنيد الإجباري لـ3000 من أبناء التيار الأرثوذكسي المتطرّف، معتبراً أن «الدولة التي تجند أعضاء في المدرسة الدينية ليس لها الحق في الوجود. في زمن الحرب، يريدون سلب حقوق طلاب التوراة. هذا انتحار فعلي».

وأضاف: «عندما لا يكون هناك نظام، والجيش في حالة حرب ضدنا، ما الفائدة من الوقوف؟ من أجل ماذا؟ هذه الحكومة ضدنا في كل شيء». وفي نهاية الاجتماع، طلب لاندو من الحاخام حاييم أهارون كوفمان، رئيس لجنة المدرسة الدينية، أن ينقل رأيه إلى الحاخامات السفارديم (الشرقيين) والحسيديم (تيار حسيديه غور)، حتى يكون هناك موقف موحد من رفض التجنيد. وطبقاً لموقع «بحدري هحريديم»، فقد أمر الراف موشيه هيلل هيرش، الذي يترأس إلى جانب لاندو المدرسة الدينية ذاتها في بني باراك، خلال اللقاء نفسه، عدداً من طلبته بالتوجه إلى الشبان الحريديم المتسربين من المعاهد، وتوعيتهم بمخاطر التجنيد، وإيصائهم برفض الأوامر.

ويبدو أن هذا الرفض سيشكّل عنواناً للتأزيم في المرحلة المقبلة، وخصوصاً أن خطوة كهذه لم يسبق أن نفّذها إلا «الجناح الأورشاليمي» الذي يعد التيار الأكثر تشدداً برفضه المطلق التعامل مع المؤسسات الإسرائيلية؛ وأبناؤه، منذ عام 2013، توقفوا بالكامل عن الاستجابة لأوامر التجنيد الأولي، ويصنفون مذّاك كـ«فارّين من الخدمة العسكرية»، ولا يتمكنون بسبب ذلك من السفر، وهو معرضون للاعتقال.

وكان عدد من الحاخامات ورؤساء «الييشيفوت» في التيار الحريدي الشرقي، بينهم ثلاثة حاخامات أعضاء في مجلس حكماء التوراة في حركة «شاس» (حرّاس التوراة الشرقيون)، دعوا طلابهم إلى عدم التعاون مع الجيش وعدم الحضور إلى مكاتب التجنيد. ورغم ما تقدّم، فإن «القيادة الروحية لجميع التيارات الحريدية تؤيد في اجتماعات مغلقة تجنيد الطلبة المتسربين من الييشيفوت»، وفقاً لصحيفة «هآرتس»، التي نقلت عن مصدر شارك في هذه الاجتماعات قوله إن «زعماء الحريديين الكبار تحدثوا بصورة متشددة ضد أولئك الذين لا يتعلمون، لكنهم لا يزالون يخشون قول هذا الأمر بصوت مرتفع».

وتُعدّ هذه القضية واحدة من جملة هموم تؤرّق القيادة السياسية الحريدية، وربما تهدد استقرار الائتلاف الحاكم، رغم أنها لم تدفع حتّى اللحظة القيادة الروحية للتيار الحريدي إلى الأمر بترك الائتلاف، وذلك بالنظر إلى أن المركّبات الحكومية جميعها، من دون استثناء، تعرف أن الائتلاف القائم هو أفضل تركيبة سلطويّة لتلبية مصالحها الفئوية.

ومع هذا، فإن الحكومة لا تبدو قادرة على التعامل مع تعقيدات الأزمة الحريدية كافة، بدءاً من قانون التجنيد ومكانة دارسي التوارة، مروراً بتقليص ميزانيات المعاهد التوراتية، ومن ضمنها الميزانيات التي تدفع لأبناء دارسي التوارة في الحضانات ودور الرعاية، وصولاً إلى قانون الحاخامات الذي يصرّ حزب «شاس» على تمريره، ويصطدم بشرط وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ضمّه إلى «مطبخ الحرب» الذي شكّله رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بعد انسحاب كتلة «المعسكر الوطني» من حكومة الطوارئ، وحل مجلس الحرب وقتذاك، مقابل منح أصوات حزبه لمصلحة القانون المذكور.

وما يضاعف تلك التعقيدات، أن الحريديين لا يهمهم بقاء نتنياهو في الحكم، بقدر اهتمامهم بتحقيق مصالح جمهورهم والحفاظ على الامتيازات الهائلة التي يتمتعون بها، بما يضمن للحاخامات عملياً إبقاء السيطرة على مجتمعهم المصنّف كأحد أندر المجتمعات الشمولية المغلقة في العالم. ولذلك، اعتمدت الأحزاب الحريدية، طوال العقود الطويلة الماضية، على قوّتها من ناحية عدد المقاعد البرلمانية لبناء تحالفات سياسية تضمن استقرار الحكومات الإسرائيلية، مقابل ما يمكن أن تحصل عليه لجمهورها، فيما، في ظل التهديد الذي تستشعره راهناً، دعا أحدها، وهو «أغواداة يسرائيل»، إلى التفكير بجديّة في الانضمام إلى التصويت لمصلحة مشروع قانون حجب الثقة عن الحكومة، والذي تخطط أحزاب المعارضة لطرحه. وإذ يحتمل إقدام الحزب المذكور على تنفيذ قراره، في اللحظة التي سيبدأ فيها الجيش إرسال أوامر التجنيد، فإن هذا يكشف، وفقاً لمحلل الشؤون السياسية في موقع «كيكار هشبات» الحريدي، يشاي كوهين، «عن أزمة حقيقية قد تهدد الائتلاف الحاكم».

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة