أمل سيف الدين ـ الديار
في الأيام الأمنية الأخيرة التي شهدتها بيروت، تفاقمت معاناة المواطنين بسبب حملات حجز الدراجات النارية العشوائية. تم احتجاز الدراجات بناءً على محاضر رقم 418، حيث يدفع المواطنون الغرامات عبر البريد لاستلام أوراق فك الحجز من القوى الأمنية. ولكن المفاجأة تكمن في المطالبة بدفع 500 ألف ليرة لبنانية إضافية دون إيصال، وتأخير تسليم الدراجات من المرائب لمدة شهر، مما يزيد التكلفة اليومية إلى 300 ألف ليرة لبنانية، فضلاً عن رسوم نقل تصل إلى 50 دولاراً. خلال يومين فقط، حجزت السلطات 9900 دراجة، محققة أرباحاً كبيرة على حساب المواطنين، مع شكوك حول اختفاء أجزاء من الدراجات.
الفساد لم يتوقف عند هذا الحد، فقد قُدمت عدة شكاوى ضد النافعة وشركة "إنكربت" بسبب رسوم عالية دون خدمات فعلية، فضلاً عن رسوم غير قانونية للحصول على معلومات حول السيارات وإجراءات غير قانونية للكشف عليها. تتزايد شكاوى المواطنين حول صعوبة الحصول على مواعيد من منصة النافعة واللجوء إلى السماسرة، مما يرفع تكلفة المعاملات بشكل كبير.
وسط هذه الفوضى، تعاني النافعة من تجاوزات قانونية واستغلال للمرافق العامة لتحقيق أرباح غير مشروعة، بينما تبقى معاناة المواطنين مستمرة في ظل البيروقراطية والفساد.
حملات الحجز العشوائية للدراجات النارية
خلال الأيام الأمنية الأخيرة في بيروت، شنت السلطات حملة واسعة لحجز الدراجات النارية بشكل عشوائي، مما أثار استياء المواطنين وأدى إلى حالة من الفوضى والاضطراب. هذه الحملات نفذت بناءً على محاضر رقم 418، التي تفرض على المواطنين دفع غرامات عبر مكاتب البريد لاستلام أوراق فك الحجز من القوى الأمنية. ومع ذلك، لم يكن هذا كافياً لإنهاء معاناة المواطنين، حيث واجهوا عراقيل إضافية تتمثل في دفع مبلغ 500 ألف ليرة لبنانية إضافية بدون إيصال رسمي بعد استلام أوراقهم. هذا النهج العشوائي في تنفيذ القانون أثار غضباً واسعاً بين المواطنين الذين شعروا بالاستغلال وعدم العدالة.
تأخير تسليم الدراجات وتكاليف إضافية باهظة
لم تقتصر معاناة المواطنين على دفع الغرامات فقط، بل واجهوا أيضاً تأخيراً غير مبرر في تسليم الدراجات من المرائب. فبعد استلام أوراق فك الحجز، ذهب المواطنون إلى المرائب لاستلام دراجاتهم، إلا أنهم تفاجؤوا برفض المرائب تسليم الدراجات قبل مرور شهر كامل.
هذا التأخير الطويل يفرض على المواطنين دفع 300 ألف ليرة لبنانية يومياً كرسوم تخزين، مما يعني أن التكلفة الشهرية تصل إلى 9 ملايين ليرة. بالإضافة إلى ذلك، يضطر المواطنون الى دفع 50 دولاراً كرسوم نقل الدراجة إلى المرآب بسبب عدم صلاحية أماكن القوى الأمنية لاستيعاب الدراجات المحجوزة. هذا الأمر يزيد العبء المالي على المواطنين، مما يجعل تكلفة فك الحجز تصل إلى حوالى 150 دولاراً لكل دراجة، وهو مبلغ كبير يثقل كاهلهم ويزيد من معاناتهم اليومية.
أرباح طائلة من الحملة على حساب المواطنين!
في تصريح صادم، أعلن وزير الداخلية عن حجز 9900 دراجة نارية خلال يومين فقط من الحملة الأمنية، مما يثير تساؤلات حول المبالغ الهائلة التي جمعتها الدولة من هذه العملية. وبناءً على هذه الأرقام، يمكن حساب الأرباح الناتجة من هذه الحملة، والتي تصل إلى مبالغ طائلة يتم تحصيلها من المواطنين.
ولكن المفاجأة الكبرى تكمن في أن الجزء الأكبر من هذه الأرباح لا يذهب لخزينة الدولة، بل يتم توجيهه لأصحاب المرائب. هذا الوضع يكشف عن نظام غير عادل يستغل المواطنين لتحقيق مكاسب خاصة، مما يضيف طبقة أخرى من الظلم إلى المعاناة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الشعب اللبناني.
اختفاء أجزاء من الدراجات المحجوزة!
علمت "الديار" من مصادر خاصة أن بعض المواطنين الذين ذهبوا لفك حجز دراجاتهم اكتشفوا اختفاء أجزاء منها. هذا الاكتشاف زاد من استياء المواطنين وأثار شكوكاً حول سلامة ومصداقية عمليات الحجز. إن فقدان أجزاء من الدراجات يشير إلى فوضى وعدم الشفافية في إدارة الممتلكات المحجوزة، مما يعرض حقوق المواطنين للانتهاك ويزيد من حالة الفوضى والارتباك في البلاد.
فساد في النافعة: رسوم دون خدمات؟
لم تتوقف تجاوزات الفساد عند حملات الحجز، فقد قدمت مجموعة من المحامين حوالى أربعة إخبارات ضد النافعة. من بين هذه الإخبارات، كان هناك إخبار ضد شركة "إنكربت" التي كانت تفرض رسومًا باهظة على لوحات السيارات واللاصقات الإلكترونية دون تقديم الخدمات الفعلية. فيدفع المواطنون مبالغ تصل إلى 2.8 مليون ليرة لبنانية للشركة دون الحصول على اللوحات أو اللاصقات الموعودة، مما يعد استغلالاً فاضحاً للمواطنين.
وتجاهلت الشركة رأي ديوان المحاسبة الذي أكد على ضرورة تقديم خدمات مقابل أي رسوم إضافية. هذه الممارسات غير القانونية كشفت عن نظام فساد مستشر يسعى لتحقيق أرباح غير مشروعة على حساب المواطنين.
مسار العدالة تحت المجهر... الشركات أمام القضاء
في تطور قانوني يحقق فيه النزاهة ويتصدى للفساد، قادت جهود النيابة العامة المالية، بقيادة علي إبراهيم، إلى اتهام شركة "انكربت" بجرائم مالية. بعد تحويل القضية إلى قاضي التحقيق في بيروت، فؤاد مراد، تمت متابعتها بعناية.
وفي جلسة استثنائية في 21 مايو 2024، غاب هشام عيتاني، مما أدى إلى قرار المحكمة بمتابعته شخصياً إلى جانب الشركة بتهمة هدر المال العام. وستعقد جلسة جديدة في 5 حزيران 2024 لمحاسبتهما بشكل أعمق.
رسوم غير قانونية للحصول على معلومات
تم تقديم إخبار آخر ضد النافعة يتعلق برسوم غير قانونية تفرضها للحصول على معلومات من خلال تعبئة استمارة المعلومات لدى الشرطة القضائية حول السيارات. فكل شخص يحتاج إلى معرفة اذا كان هنالك اشارة على سيارته ام لا يضطر الى دفع مليون ليرة لبنانية دون الحصول على إيصال رسمي، مما يثير تساؤلات حول مصير هذه الأموال وغياب الرقابة عليها.
إن فرض رسوم دون إيصالات رسمية يعد انتهاكاً لحقوق المواطنين ويعكس غياب الشفافية في التعاملات الحكومية، مما يزيد من شعور المواطنين بالإحباط وعدم الثقة في المؤسسات الحكومية.
استغلال النقابة للمرافق العامة
كشف إخبار ثالث عن فرض رسوم غير قانونية قدرها 50 دولاراً من قبل نقابة أصحاب المعارض للكشف على السيارات الموجودة لديهم. هذه الرسوم فرضت بطريقة مخالفة للقانون واستغلت المرافق العامة لتحقيق أرباح غير مشروعة.
فالنقابة استغلت الوضع لتحقيق مكاسب مالية شخصية، مما يعد كرشوة علنية.
مخالفات قانونية في إجراءات الفحص
كما ظهرت تسجيلات صوتية جديدة تطالب المواطنين بعدم جلب سيارات "الأنقاض" يوم الاثنين بحجة صدور تعميم بالإعفاء من الفحص، وهو أمر مخالف لقانون السير. فقانون السير ينص في المادة 160 على ضرورة فحص وكشف سيارات "الأنقاض" للتأكد من سلامتها وعدم وجود تعديلات غير قانونية عليها.
هذه المخالفات القانونية تزيد من الفوضى وتعرض حياة المواطنين للخطر، حيث إن عدم فحص السيارات بشكل صحيح يمكن أن يؤدي إلى حوادث سير خطرة. إن التلاعب بالقوانين يعكس حجم الفساد والفوضى في النظام، مما يتطلب تدخلاً عاجلاً لإصلاح الأمور.
تجاوزات في توقيع العقود وتوزيع الهبات
تم تقديم بلاغ بأن توقيع العقود في النافعة يتم بشكل مخالف لقانون السير، حيث ان المادة 165 تتطلب أن يؤدي الموظفون القسم أمام القاضي المختص، وهو ما لا يحدث في النافعة. هذا الأمر يعكس تجاوزات قانونية خطرة تضر بمصداقية النظام القانوني وتعرض حقوق المواطنين للانتهاك.
بالإضافة إلى ذلك، علمت "الديار" أنه قد وصل هبات عينية وبونات بنزين إلى النافعة دون تدقيق قانوني في مصدرها أو كيفية توزيعها، مما يعد انتهاكاً صارخاً للقانون ويعكس غياب الرقابة والمساءلة.
معاناة المواطنين مع منصة النافعة وتعاملاتهم اليومية
كانت النافعة سابقاً تفتح أبوابها يومي الثلاثاء والأربعاء، ولكن عن طريق منصة إلكترونية تكون معطلة معظم الأوقات، مما يجعل من الصعب على المواطنين حجز المواعيد. هذا الاضطراب المستمر في نظام العمل يزيد من معاناة الناس الذين يحتاجون إلى إنهاء معاملاتهم بشكل عاجل، ويجبرهم على التعامل مع بيئة تفتقر إلى التنظيم والكفاءة.
فمنصة النافعة تعاني من أعطال مستمرة، مما يصعب على المواطنين الحصول على مواعيد لإتمام معاملاتهم. نتيجة لهذه الأعطال، يتعين على المواطنين الانتظار حتى يوم الخميس، وهو اليوم المفتوح للعموم، حيث يواجهون طوابير طويلة واكتظاظاً كبيراً. في هذا اليوم، يتجمع العديد من المواطنين في صفوف مزدحمة على أمل إنهاء معاملاتهم، مما يزيد من الضغط على الموظفين ويؤدي إلى تأخيرات إضافية.
بسبب هذه الصعوبات، يلجأ الكثير من المواطنين إلى السماسرة لدفع مبالغ طائلة لإنجاز معاملاتهم بشكل أسرع. وقد ارتفعت تكلفة هذه المعاملات من 20 دولاراً إلى حوالي 100 دولار، مما يشكل عبئاً مالياً إضافياً على المواطنين. بالإضافة إلى ذلك، تعاني النافعة من ممارسات فساد مثل تمرير المعاملات عبر الخطوط العسكرية مقابل رشوة، مما يزيد من شعور المواطنين بالإحباط وانعدام العدالة.
كل هذا يبرز الواقع المأسوي الذي يواجهه المواطن اللبناني في ظل الفساد المستشري وانهيار النظام القانوني، من حجز الدراجات النارية بطريقة تعتبر عشوائية إلى التلاعب بالقوانين وتجاوز السلطات القانونية، تتجلى الظروف الصعبة التي يواجهها الأفراد يوميًا.