(رواد مسلم ـ نداء الوطن)
الطوافة «بيل 212» التابعة للرئيس الإيراني التي تحطّمت يوم الأحد وسط حالة ضباب كثيف في جبال شمال غرب إيران، وصلت إلى الهلال الأحمر في إيران في عهد الشاه قبل العام 1979، وقد صمّم هذا الطراز من قبل شركة «بيل هيليكوبتر تكسترون» في تكساس عام 1968 قبل أن يتمّ نقل مصنعها إلى مدينة ميرابيل في مقاطعة كيبيك الكندية عام 1988، وتوقّف الإنتاج في عام 1998. إستخدم هذا الطراز في حرب فيتنام للإنتقال والنقل فوق البحار كونها مزوّدة بمحرّكين يعملان في الوقت نفسه، وهي ذات استخدام واسع مدنياً وعسكرياً حول العالم.
واجهت إيران صعوبات في الحفاظ على الأسلحة والمركبات الأميركية الصنع بسبب سنوات من العقوبات تسبّبت في نقص قطع الغيار، والجدير بالذكر هنا أنّ الطوافات حول العالم تخضع لتجديد يُسمّى «OVERALL» كلّ عدد معيّن من ساعات الطيران، حيث يتمّ تفكيك كلّ قطعها وتجديدها أو استبدالها، والمحرّك بالذات يتمّ تفكيكه وإرساله إلى الشركة المصنّعة للتأكّد من جودته، حيث يفحص بالآلات المخصّصة للإختبار، ويُعاد المحرّك نفسه إلى الطوافة بعد التدقيق واستبدال القطع.
يُعتقد أنّ الجيش الإيراني لديه 10 طوافات «بيل 212» في قواعده، وهذا العدد القليل جدّاً يبيّن إرتفاع وتيرة استخدامها للنقل، وفي ظلّ نقص قطع الغيار لا يُمكن للفنيين سوى تمديد حياة القطع كافة وحصر الكشوفات بالبصر، علماً أنّ كلّ قطع الطوافة يجب فحصها أو استبدالها كلّ عدد معيّن من ساعات الطيران، حسب جدول تُصدره الشركة المصنّعة يُحدّد هذه القطع ويُحدّد مدّة صلاحيتها للطيران.
وتبدأ الكشوفات كلّ 50 ساعة عند الكشف البصري واستبدال ما هو غير صالح وواضح للنظر، ثمّ كشف المئة ساعة بإستبدال عدد من القطع حتّى لو لم تكن بحاجة للإستبدال، ثمّ بعد عام يتمّ استبدال قطع أخرى، وصولاً إلى تفكيك كامل قطع الطوافة وإرسال المحرّك للشركة المصنّعة.
على الرغم من طول عمرها، ليس مستحيلاً تحديث الطوافة القديمة بأجهزة متطوّرة من حلفاء إيران كروسيا أو الصين، اللتين تمتلكان تكنولوجيا متقدّمة في عالم الطيران، أو على الأقلّ تجهيز الطوافة الرئاسية بأجهزة تزيد من قدرة الطيّار على معرفة ظروف الرحلة، حيث يُمكن أن تكون مجهّزة بالحدّ الأدنى بأجهزة استشعار حالة الطقس على المسار المتّبع، أو بجهاز إنذار عند الإقتراب من الأرض أو إذا كان مسار الطوافة متّجهاً نحو جبل في المناطق الجبلية.
بحسب تحقيق أوّلي أجرته مجموعة الإنقاذ التركية التي عثرت على الحطام، تبيّن أنّ الطوافة لم تكن مزوّدة بجهاز «transponder»، الذي يُمكّن برج المراقبة من تتبّع الطوافة لتجنيبها المخاطر الجوية في حال كانت هناك رحلات أخرى، وهذا الجهاز يُمكن استخدامه من قبل الطيّار عند حالات الطوارئ بوضع موجة «7700» التي تُنذر برج المراقبة أنّ هذه الطوافة في «حال طوارئ» وتُريد المساعدة بالاستعانة بالإحداثيات التي هي مبيّنة على شاشات الرادار في أبراج المراقبة.
المعطيات التي تبيّنت حتّى الآن توضح أنّ هذه الطوافة غير مجهّزة للطيران الآلي أو في الغيوم والضباب، خصوصاً أنّها غير مزوّدة بأجهزة تُمكّن البرج من مساعدة الطيّار على استكمال مساره بأمان، لكنّ تمكّن الطوافات المتبقية في الموكب الجوي من استكمال رحلتها بأمان يُمكن أن يوضح معرفة الطيارين بتعليمات الوقاية من الإصطدام بالجبال في حال الدخول في الغيوم، وهذا يُمكن أن يُرجّح فرضية أن تكون طوافة الرئيس الإيراني قد واجهت «حال طوارئ»، والأكثر ترجيحاً أن ينطفئ أحد المحرّكين أو كلاهما معاً.
المحرّكان في طوافات «بيل 212» يعملان معاً لإنتاج قدرة دوران المروحة، وفي حال توقّف أحدهما يُتابع الآخر مهامه، لكن لا يُمكنه لوحده أن يُحافظ على ارتفاع الطوافة، فعلى الطيّار الهبوط في أقرب مهبط آمن، وهذا ما يُمكن أن يُسبّب الإصطدام في الجبال العالية في حال الضباب الكثيف أو سوء الرؤية.
حادث تحطّم طوافة «بيل 212» الرئاسية على الأراضي الإيرانية بيّن ضعف القوات الجوية الإيرانية، خصوصاً في مجال البحث والإنقاذ، بحيث تمكّنت المسيّرة التركية «بيرقدار أكينجي» من تحديد موقع حطام الطوافة بعد فترة طويلة جيّشت طهران فيها كامل قدرتها لإنقاذ الرئيس ومرافقيه. وهذا الحادث يُظهر أنّ معايير قوّة الجيوش لا يُمكن أن تعتمد فقط على قدرة إنتاج الصواريخ البعيدة المدى أو المسيّرات الإنتحارية أو أي سلاح واحد مُعيّن، بل قوّة أي جيش هي قوّة تكامل كلّ الأسلحة، الجوّية والبرّية والبحريّة والإستخباراتية لخدمة عملية عسكرية واحدة، ولعلّ جيش الولايات المتحدة بامتلاكه القدرات كافة يتمتّع بالتصنيف الأوّل بين جيوش العالم.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..