أظهرت صور خاصة حصلت عليها قناة الجزيرة مباشر ميناء المكلا، جنوبي اليمن، عقب الضربة الجوية التي نفذها تحالف دعم الشرعية، في وقت سابق اليوم الثلاثاء.
وأظهرت الصور أعدادا كبيرة محترقة من سيارات الدفع الرباعي على رصيف الميناء، في حين كانت تتصاعد أدخنة من المكان.
وأعلن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن تنفيذ عملية عسكرية جوية محدودة في ميناء المكلا بمحافظة حضرموت، استهدفت أسلحة وعربات قتالية تم إنزالها من سفينتين دون تصاريح رسمية.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن التحالف أنه تم رصد سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا يومي السبت والأحد الماضيين دون تصريح رسمي، مضيفة أن السفينتين عطلتا أنظمة التتبع وأنزلتا أسلحة لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي لتأجيج الصراع في اليمن.
و طالب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي كل القوات الإماراتية بالخروج من جميع الأراضي اليمنية خلال 24 ساعة، في حين شن تحالف دعم الشرعية في اليمن قصفا جويا على أسلحة وعربات قتالية بعد وصولها على متن سفينتين إلى ميناء المكلا في محافظة حضرموت.
والسبت الماضي، أعلن التحالف -في بيان- أنه قرر التحرك عسكريا ضد انتهاكات المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة حضرموت شرقي البلاد، استجابة لطلب من رئيس المجلس الرئاسي اليمني العليمي.
وكانت قوات "الانتقالي الجنوبي"، الذي يطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله، نفذت تحركات عسكرية مفاجئة أوائل ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلنت على إثرها السيطرة على حضرموت والمهرة، قبل أن تؤكد رفضها دعوات محلية وإقليمية للانسحاب.
من جانبها أعلنت وزارة الدفاع الإماراتية اليوم الثلاثاء "إنهاء ما تبقى من فرق مكافحة الإرهاب في اليمن بمحض إرادتها بالتنسيق مع الشركاء".
وفي بيان نشر على حسابها بمنصة "إكس"، أكدت وزارة الدفاع أن "هذا الإجراء يأتي في إطار تقييم شامل لمتطلبات المرحلة، وبما ينسجم مع التزامات دولة الإمارات ودورها في دعم أمن واستقرار المنطقة".
وقالت الوزارة إن "القوات المسلحة الإماراتية أنهت وجودها العسكري في الجمهورية اليمنية عام 2019 بعد استكمال المهام المحددة ضمن الأطر الرسمية المتفق عليها، في حين اقتصر ما تبقى من تواجد على فرق مختصة ضمن جهود مكافحة الإرهاب وبالتنسيق مع الشركاء الدوليين المعنيين".
وأضاف البيان أنه "نظرا للتطورات الأخيرة وما قد يترتب عليها من تداعيات على سلامة وفاعلية مهام مكافحة الإرهاب، فإن وزارة الدفاع تعلن إنهاء ما تبقى من فرق مكافحة الإرهاب في اليمن بمحض إرادتها، وبما يضمن سلامة عناصرها، وبالتنسيق مع الشركاء المعنيين".
كما عبرت الإمارات اليوم الثلاثاء عن "أسفها" لما ورد في بيان الخارجية السعودية الصادر اليوم بشأن الأحداث الأخيرة في اليمن، مؤكدة أنه يتضمن "مغالطات جوهرية".
وقالت وزارة الخارجية الإماراتية -في بيانها- "الإمارات تعرب عن أسفها لما ورد في بيان السعودية الشقيقة وما تضمنه من مغالطات جوهرية.. وترفض رفضا قاطعا الزج باسم الإمارات في التوتر الحاصل بين الأطراف اليمنية".
كما عبر البيان عن "استهجان" ما وصفها بالادعاءات بشأن توجيه أي طرف يمني للقيام بعمليات عسكرية تمس أمن السعودية.
وأضاف "نؤكد حرصنا على أمن واستقرار السعودية الشقيقة واحترامنا الكامل لسيادتها وأمنها الوطني".
وشدد البيان على أن موقف الإمارات منذ بداية الأحداث في حضرموت والمهرة كان "العمل على احتواء الموقف ودعم التهدئة".
وذكر بأن الوجود الإماراتي في اليمن جاء بدعوة من الحكومة الشرعية وضمن التحالف العربي بقيادة السعودية، مؤكدا أن "التعامل مع التطورات الأخيرة يجب أن يتم بمسؤولية لمنع التصعيد وعلى أساس الوقائع الموثوقة".
موقف السعودية
وكان بيان صادر عن الخارجية السعودية قد أكد في وقت سابق اليوم أن الخطوات التي قامت بها دولة الإمارات في اليمن "بالغة الخطورة"، مشددا على أهمية استجابة أبوظبي لطلب اليمن خروج قواتها العسكرية من أراضيه خلال 24 ساعة.
وأكد البيان أن الخطوات الإماراتية في اليمن "لا تنسجم مع الأسس التي قام عليها تحالف دعم الشرعية"، معبرا عن أسف الرياض "لضغط الإمارات على المجلس الانتقالي الجنوبي للقيام بعمليات في حضرموت والمهرة".
وأشار إلى أن السعودية "ملتزمة بأمن اليمن واستقراره وسيادته والدعم الكامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي".
وشدد على أهمية إيقاف أي دعم عسكري أو مالي لأي طرف كان داخل اليمن، معتبرا أن أي مساس أو تهديد لأمن السعودية "خط أحمر لن نتردد في اتخاذ كل ما يلزم لمواجهته".
وجدد البيان السعودي التأكيد على أن القضية الجنوبية "عادلة وأن السبيل الوحيد لمعالجتها هو عبر طاولة الحوار"، معبرا عن أمل الرياض في أن تتخذ الإمارات "الخطوات المأمولة" للمحافظة على العلاقات الثنائية بين البلدين.
من جانبه وصف محمد عبد الملك الزبيدي، القيادي بالمجلس الانتقالي الجنوبي في وادي وصحراء حضرموت، ما جرى فجر اليوم في حضرموت بأنه "اعتداء غاشم وسافر" استهدف الأرض والسكان والمنشآت، معتبرا أنه يمثل "تدخلا واضحا في الشؤون الداخلية" للمحافظة.
وقال الزبيدي، في تصريحات للجزيرة، إن القوات الجنوبية والحضرمية "لن تقف مكتوفة الأيدي" أمام أي اعتداء، مؤكدا التزامها بالدفاع عن حضرموت وأمنها ومنشآتها. وأضاف أن المطالبات التي سبقت هذه التطورات، والتي دعت إلى انسحاب قوات محلية من مواقعها، "غير منطقية وغير مقبولة"، متسائلا: "كيف يطلب من جيش أن ينسحب من أرضه ويسلمها للغريب؟".
وشدد الزبيدي على أن القوات الموجودة حاليا في حضرموت هي "قوات جنوبية حضرمية"، وأن أي انسحاب منها سيترك فراغا أمنيا قد تستفيد منه جماعات مسلحة، بينها الحوثيون وتنظيمات متطرفة حسب قوله. وأكد أن هذه المطالب "لن تنفذ"، معتبرا أن الثبات على الأرض هو خيار لا رجعة عنه.
دولة حليفة
وفي ما يتعلق بالدور الإماراتي، رفض الزبيدي الدعوات المطالِبة بخروج القوات الإماراتية من مواقعها، واصفا الإمارات بأنها "دولة حليفة وصادقة" منذ عام 2015، ولعبت دورا محوريا في دعم القوات المحلية لتحرير مناطق واسعة في حضرموت وعدن وشبوة وأبين من تنظيم القاعدة وجماعات مسلحة أخرى.
وقال إن الإمارات "قدمت دماء وأرواحا" إلى جانب أبناء حضرموت والجنوب، معتبرا أن مسألة بقاء أو خروج أي قوة "شأن يقرره أبناء الجنوب وحدهم".
ووجه الزبيدي انتقادات حادة لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، متهما إياه بالتحريض ضد القوات الجنوبية، ومعتبرا أن التركيز كان يجب أن ينصب على "تحرير صنعاء وتعز"، بدلا من الضغط على المحافظات الجنوبية التي وصفها بـ"المحررة".
وعن فرص التهدئة، أعلن الزبيدي استعداد المجلس الانتقالي لأي حوار أو تفاوض، بشرط أن يقتصر على إشراك قوات جنوبية أو من أبناء حضرموت، وعلى أساس "الشراكة الكاملة" في المعسكرات والعمليات الأمنية. وأكد أن هذا الانفتاح لا يشمل "أي طرف من المناطق الشمالية أو الحوثيين أو الإخوان أو التنظيمات المتطرفة".
القيادة عدو واضح
وفي رده على سؤال بشأن إشراك القيادة اليمنية الشرعية في أي مفاوضات محتملة، قال الزبيدي إن هذه القيادة "أصبحت عدوا واضحا" للمجلس الانتقالي، متهما إياها بتقديم "تقارير مغلوطة" ضد الجنوب وحضرموت. واستشهد بتظاهرات جماهيرية شهدتها محافظات جنوبية خلال الأسابيع الأخيرة، معتبرا أنها "استفتاء شعبي" يرفض شرعية القيادة الحالية.
(المصدر: الجزيرة)