• لبنان
  • الثلاثاء, كانون الأول 09, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 11:22:42 ص
inner-page-banner
مقالات

اغفر لهم يا ابتاه لانهم لا يعرفون ماذا يفعلون

المطران عطا الله حنا ـ القدس ـ بوابة صيدا

لقد شهدت مدينة القدس خلال الأيام المنصرمة حدثا استفزازيا خطيرا مسيئا للقيم المسيحية ولرسالة الكنيسة التي كانت دوما رسالة سلام ومحبة ودعوة للدفاع عن كل انسان مظلوم ومعذب ومتألم في هذا العالم .

فلقد وصل الى مدينة القدس نحو الف شخص ادعو انهم قسيسين ومعظمهم من الولايات المتحدة وزيارتهم لم تكن من اجل افتقاد المسيحيين الفلسطينيين ولقاءهم وليس من اجل زيارة الأماكن المقدسة وخاصة بيت لحم حيث المغارة التي تستعد لاستقبال عيد الميلاد المجيد .

أتوا تضامنا مع إسرائيل وسياساتها القمعية الظالمة لشعبنا الفلسطيني وان موقفهم هذا يجردهم من اية صفة مسيحية فهم يدعون انهم قسيسين مسيحيين فكيف يمكن ان تكون قسيسا ومسيحيا وفي نفس الوقت تأتي لكي تتضامن مع أولئك الذين يقتلون شعبا ويمتهنون حريته وكرامته.

ذهبوا الى حائط المبكى ولكنهم لم يزوروا كنيسة القيامة والتي يبدو انها لا تعني لهم شيئا فزيارتهم كانت زيارة منحازة بشكل كلي للاحتلال وروايته وقد أتوا لكي يباركوا الجرائم والانتهاكات الخطيرة المرتكبة بحق شعبنا الفلسطيني .

ان هؤلاء هم عار على المسيحية وهم ليسوا مسيحيين حتى وان ادعو الانتماء اليها فما اكثر أولئك الذين يدعون الانتماء للمسيحية في عالم اليوم ولكنهم لا علاقة لهم بالمسيحية وقيمها ومبادئها ورسالتها .

لقد قضوا عدة أيام بين أحضان الاحتلال مروجين لدعايته ومتبنين هذه الرواية المغلوطة والتي كانوا وما زالوا بوقا لها.

لماذا لم يجدوا وقتا للقاء المسيحيين ومرجعياتهم في هذه الديار ولماذا لم يجدوا وقتا لزيارة كنيسة القيامة وكنيسة المهد ووقتهم كان فقط من اجل المستوطنات والتضامن مع المستعمرين المحتلين لا سيما أولئك الذين يعتدون على الفلسطينيين في الضفة الغربية ويعتدون على أشجار الزيتون والتي ترمز الى السلام ولكنها ترمز أيضا الى عراقة الوجود الفلسطيني في هذه الديار .

كيف يمكن للمرء ان يدعي انه مسيحي وفي الوقت ذاته يقف مع الظالم على حساب المظلوم، كيف يمكن للمرء ان يدعي الانتماء للمسيحية مبررا الجرائم التي ترتكب بحق شعبنا لا سيما حرب الإبادة في غزة .

ما اود ان أقوله بأن هذه الظاهرة هي ظاهرة صهيونية بامتياز لا علاقة لها بالكنيسة ولا علاقة لها بالمسيحية حتى وان ادعى هؤلاء انهم قسيسين فهم ليسوا كذلك وما اكثر أولئك الذين يتشحون بثوب الدين ولا علاقة لهم بالدين لا من قريب ولا من بعيد .

انني ادعو هؤلاء لتوبة حقيقية وتصحيح اخطاءهم واعوجاجاتهم لكي يكونوا مسيحيين حقيقيين وما داموا في هذا الاطار المسيء للمسيحية فهم لا يمكن اعتبارهم مسيحيين على الاطلاق ونحن هنا لا ندينهم فهنالك ديان عادل نؤمن به ولكننا نحن ندعوهم الى توبة حقيقية وان يبتعدوا عن هذه الأخطاء التي ترقى الى مستوى الجرائم لان تبرير الجرائم هو اشتراك في هذه الجرائم ومباركة هذه الجرائم هي اشتراك فيها أيضا .

أقول بأن هؤلاء لا يمثلون المسيحية ولا يمثلون الكنيسة وهم أصلا ليسوا مسيحيين وادبياتهم وافكارهم ليست مسيحية، هؤلاء هم أعداء حقيقيون للمسيحية يسعون لتشويه رسالتها وحضورها ومبادئها .

من لا يحترم كنيسة القيامة وكنيسة المهد ويذهب الى حائط المبكى كيف يمكن ان يكون مسيحيا او ان يتسمى مسيحيا، هذه فئة من الضالين التي تخدم اجندات سياسية ومصالح استعمارية لا علاقة لها بالمسيحية لا من قريب ولا من بعيد .

عودوا الى رشدكم وصوبوا بوصلتكم في الاتجاه الصحيح، وانا اعلم جيدا ان كلماتي لن تصلكم وان وصلتكم فانتم لا تسمعون الا ما ينسجم واهوائكم وافكاركم المنحرفة والبعيدة عن الايمان المسيحي.

نصلي من اجلكم ومن اجل كل انسان ضال في هذا العالم، فزيارتكم الاستفزازية هي ليست زيارة عدوانية للفلسطينيين فحسب بل هي زيارة عدوانية للكنائس والمسيحيين الفلسطينيين في هذه الديار .

ان تكون مؤيدا للاحتلال وممارساته هذا يعني انك جزءا من هذه المنظومة الاستعمارية الهمجية والعدوانية .

هذه ظاهرة خطيرة تستهدف القيم المسيحية النقية والايمان القويم.

لا اعلم ماذا يمكن للكنائس المسيحية في أمريكا ان تفعل امام هؤلاء، ولكن يبقى الواجب هو ان تقوم الكنائس في كل مكان بواجبها وان تؤدي رسالتها وان تنشر قيم المسيحية الحقيقية وقيم الانحياز لكل انسان مظلوم ومتألم في هذا العالم.

لقد اتيتم وذهبتم وزيارتكم لم تترك اثرا لا في الحضور المسيحي ولا فيما يتعلق بعدالة القضية الفلسطينية، فالمسيحيون باقون في هذه الديار وهم محافظون على اصالة وجودهم وايمانهم وانتماءهم لوطنهم، كما وعدالة القضية الفلسطينية موجودة مهما اشتدت حدة التحريض والتزوير والتضليل .

الكتاب المقدس هو كتاب الهي ولا يجوز تحريفه بناء على اجندات ومصالح سياسية.

الكتاب المقدس هو كتاب الهي يدعو الى المحبة والرحمة وليس الى القتل والعدوانية والعنصرية واستهداف الانسان في كافة تفاصيل حياته .

انتم تشوهون تعاليم الكتاب المقدس وتحولونه الى كتاب يبرر الظلم والقمع والاستبداد في حين انه كتاب نازل الينا من السماء يذكرنا بمحبة الله للإنسان ورحمته التي لا حدود لها .

نصلي من اجل ان تعودوا الى رشدكم وانسانيتكم لكي تكونوا مسيحيين حقيقيين وليس أعداء للمسيحية باسم المسيحية التي هي براء من افعالكم وتصريحاتكم وكلماتكم .

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة