بقلم حسان القطب ـ مدير المركز اللبناني للابحاث والاستسشارات ـ بوابة صيدا
لا زلنا نعيش في منطقة ودول الشرق الاوسط، تداعيات حرب طوفان الاقصى، ولا زلنا، نتلمس خبايا، كما الاهداف الحقيقية للاستراتيجية الاميركية- الاسرائيلية، المرسومة لدول الشرق الاوسط،
العدوان الذي اطلقه نتنياهو ضد دول المنطقة، تحت عنوان تغيير واقع المنطقة ودولها، جغرافيا، وسياسياً، وأمنياً، نشهد تطوره تدريجياً، ومع دخول الرئيس الاميركي، دونالد ترامب، البيت الابيض مطلع العام الحالي، اندفعت اسرائيل برعاية أميركية مطلقة وبدعم غير مسبوق، في التعبير عن طموحاتها التوسعية كما عن رغبتها في فرض وجودها، بعيداً عن اية تسوية سياسية او حل دبلوماسي للصراع في المنطقة.. اي الموافقة على حل عادل وموضوعي للقضية الفلسطينية..
الحرب لا زالت مشتعلة، سواء في غزة وفلسطين او على الجبهة اللبنانية والسورية ولو كانت بوتيرة أخف، ولكنها لا زالت دموية واجرامية، تستهدف الارض والبشر، وهذه العملية مستمرة لفرض قوة اسرائيل المطلقة على دول وشعوب المنطقة.. وبدا واضحاً ان ملامح الاستراتيجية الاميركية – الاسرائيلية، تقوم على اساس ان الكيان الغاصب هو القوة المطلقة في المنطقة برعاية ودعم أميركي، وان محيطها من دول المنطقة يجب ان يكون ضعيفاً ولا يشكل اي خطر وجودي او حتى امني على هذا الكيان، ليس عسكرياً فقط بل سياسياً وثقافياً ايضاً..
بدأت هذه الاستراتيجية تتجلى بوضوح، مع الرغبة الاميركية، في الدخول الى تفاصيل الحياة السياسية والحزبية والتركيبة الاجتماعية والدينية في دول محيط اسرائيل.. مع توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا لمباشرة إجراءات تصنيف بعض من فروع جماعة الإخوان المسلمين منظمات "إرهابية" أجنبية، في خطوة تمهد لفرض عقوبات على الفروع المستهدفة. يتم بموجبها اعتبار بعض من فروع جماعة الإخوان المسلمين أو أقسامها الفرعية منظمات إرهابية أجنبية" مع الإشارة خصوصا إلى فروع الإخوان المسلمين في لبنان ومصر والأردن...
إختيار هذه الدول الثلاث، يشير بوضوح الى ان القناعة الاميركية- الاسرائيلية، تقوم على ان القوى الاسلامية، لن تقبل او تقتنع يوماً بوجود هذا الكيان في الشرق الاوسط وعلى ارض فلسطين، وان اي حل سوف يكون مؤقتاً ولن يصمد طويلاً.. لذلك ترى الادارة الاميركية، بتوجيه اسرائيلي، ان إضعاف الحركات الاسلامية وخاصة حركة الاخوان المسلمين في الدول المحيطة بإسرائيل، سوف يشكل ضمانة استقرار لهذا الكيان، خاصةً وان هذه الدول التي تضم حركة الاخوان المسلمين، لها حدود مشتركة مع اسرائيل، او ما يطلق عليه (دول الطوق)... والتجربة العسكرية مع حركة حماس التي انطلقت منذ اكثر من عامين ولا زالت مستمرة، هي من نفس وذات المدرسة الدينية والفكرية التي تضم هذه الحركات الاسلامية في الدول المشار اليها في القرار التنفيذي للرئيس الاميركي.. وهذا القرار ينطلق من اسباب معينة ولتحقيق اهداف محددة:
- ان الدول المذكورة في هذا البيان التنفيذي لا يمكنها اتخاذ قرار بحظر الحركات الاسلامية لما في ذلك من تداعيات داخلية على استقرار انظمتها ونسيجها الداخلي، لذلك يأتي القرار من الخارج وعلى لسان الادارة الاميركية التي تتصرف اليوم على انها السيد المطلق لهذا العالم..
- إن هذا القرار سوف يربك الامن والاستقرار الداخلي لهذه الدول، في حال رفضت او فشلت في تطبيق القرار الاميركي، وسوف يتحول الصراع الى داخلها وضمن نسيجها.. والسلطات في هذه الدول سوف تقدم نفسها على انها مضطرة لتطبيق القرار الاميركي حتى لا تقع تحت العقوبات الاميركية..
- الصراع في داخل هذه الدول، بين سلطاتها المعترف بها دولياً وحركاتها الاسلامية، سوف يشكل خدمة لا يمكن وصفها لاسرائيل، اذ سوف ينتقل الصراع والمواجهة الى الداخل وليس على الحدود مع الكيان الاسرائيلي..
- ان هذا القرار الاميركي شكلاً والاسرائيلي ضمنا ومضموناً.. انما يهدف للقول ان مشروع مواجهة اسرائيل يجب ان يخرج من ادبيات دول وشعوب هذه المنطقة، وان الاحزاب او المجموعات التي لا زالت على قناعة بإمكانية تطوير مواجهتها يجب ان ينتهي نهائياً..
- كذلك تقول الادارة الاميركية – الاسرائيلية المشتركة لهذه المعركة العسكرية والثقافية والدينية، بإن ضرب قدرات ايران واداوتها، واخراج ايران من المعادلة الاقليمية نهائياً، لا يعني القبول بواقع جديد ويتم استبدالها، بقوى حزبية او حتى قدرات اقليمية جديدة وتحت مسميات مستحدثة.. قد تطلقها حركة الاخوان المسلمين في ايٍ من هذه الدول الثلاث..
- ان اختيار هذه الحركات في هذه الدول الثلاث، اضافة الى ان المقصود منها ضمان امن اسرئيل، الا ان الهدف غير المعلن منها هو اطلاق رسالة واضحة لكافة الحركات الاسلامية في دول العالم العربي والاسلامي، وحتى العالم الغربي، بأن عليهم تغيير ثوابتهم الفكرية وتعديل توجهاتهم، خاصة بما يعني المواجهة مع اسرائيل تحديداً..
الخلاصة..
امام هذا القرار الذي ننتظر تفاصيله وبالتالي تداعياته، الا انه يمكننا استشراف اهدافه والنوايا التي تقف خلف اصداره وبالتالي تعميمه.. لذا نرى انه من واجب الحركات الاسلامية سواء كانت من صلب جماعة الاخوان المسلمين ام من القوى الاخرى مهما كانت تسمياتها او توجهاتها، ان تأخذ بعين الاعتبار كيف ترسم سياستها في المرحلة المقبلة، وحتى مراجعة تركيبتها التنظيمية، وكيف سوف تقدم نفسها في الداخل كما في الخارج، بحيث تتجنب المواجهة مع محيطها الداخلي قبل قوى الخارج وخاصة الولايات المتحدة، التي ترسم توجهات دول المنطقة كما دول العالم من اوكرانيا وروسيا الى الصين وفنزويلا..!!..
كما يجب الاخذ بعين الاعتبار ان القرار التنفيذي الاميركي في حال تم اتخاذه، والمطالبة بتطبيقه، سوف يكون كرة ثلج، يتطور مع تزايد الطموحات الاسرائيلية وقبول الادارة الاميركية بخدمة اسرائيل وطموحاتها وتطلعاتها.. لان الولايات المتحدة ترسم سياستها في المنطقة بعيون اسرائيلية..