الأخبار

بوابة صيدا

في واحدة من أكثر الفظائع المروعة في الحرب الأهلية السودانية، وُجّهت اتهامات إلى قوات الدعم السريع شبه العسكرية باستخدام "الاغتصاب بشكل ممنهج كسلاح حرب لتعذيب وإذلال النساء" وأقربائهن. تأتي هذه الاتهامات في أعقاب سيطرة الميليشيا على مدينة الفاشر، عاصمة إقليم دارفور، الشهر الماضي.

روت "فاطمة" (اسم مستعار) لصحيفة "التلغراف" عبر الهاتف تجربتها المروعة، حيث تعرضت للصفع والاغتصاب في منزلها أمام والدتها التي كانت تصرخ. وحذر المقاتلون الأم من أنها إذا لم تصمت، فسيتم اغتصابها أيضاً.

وقالت فاطمة، (طالبة جامعية قبل الحرب) التي تمكنت لاحقاً من الفرار إلى مخيم الطويلة للمساعدات: "لم أستطع مواجهتها للحديث عما حدث لنا... لا أحد يتحدث عما حدث حتى الآن. نحن صامتون".

فصلوا فاطمة ووالدتها بسرعة عن إخوتها الذين لم يُروا منذ ذلك الوقت، وكذلك عن أخواتها.

قالت فاطمة: "سألني أحد أفراد الدعم السريع إن كنت متزوجة. أخبرتهم أنني لست كذلك. سألني كم عمري، فالتزمت الصمت. ثم وجّه لي لكمة على وجهي فسقطت أرضًا. أحدهم اغتصبني أمام والدتي التي كانت في الغرفة وتصرخ."

حتى الآن لم تستطع فاطمة سؤال ما إذا كانت أخواتها تعرضن للشيء نفسه.

و قالت امرأة تدعى حليمة، ورفضت أيضًا ذكر اسمها الحقيقي، إنها هربت بعد يومين من سقوط المدينة. أوقفها مقاتلو الدعم السريع عند نقطة تفتيش شمال غرب المدينة واستجوبوها. تحرّشوا بها ثم اقتادوها إلى مجرى نهر واغتصبوها.

قالت: "تُركت هناك وحدي لمدة طويلة حتى جاء أحد النازحين وأخذني. لا أعرف حتى كم من صديقاتي تعرضن لنفس الشيء في الطريق."

وأضافت: "بعد وصولنا إلى المخيم، علمت أن مجموعة كبيرة من الفتيات تعرضن للاغتصاب أثناء الطريق. نحن نطالب بالعدالة."

حملة "ممنهجة ومحسوبة"

تأتي الشهادات الجديدة بعد سقوط الفاشر، الذي يخشى أن يكون قد شهد مذبحة لآلاف المدنيين. وفيما تمكنت أعداد قليلة من الوصول إلى مخيمات الإغاثة، كشفوا عن حملة قتل واسعة النطاق وعنف جنسي منتشر.

وقالت "إيفيت كوبر"، وزيرة الخارجية (البريطانية)، إن التقارير الواردة من دارفور "مروعة حقاً"، مشيرة إلى "فظائع وإعدامات جماعية وتجويع والاستخدام المدمر للاغتصاب كسلاح حرب". وأضافت: "هذه ليست حوادث معزولة، بل نشهد حملة عنف لا هوادة فيها ومحسوبة ضد المدنيين، تتحمل النساء والأطفال وطأة أكبر أزمة إنسانية في القرن الحادي والعشرين."

على الرغم من توجيه اتهامات بارتكاب عنف جنسي ضد الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إلا أن بعثة تقصي حقائق تابعة للأمم المتحدة وجدت العام الماضي أن "غالبية الاعتداءات المزعومة نفذتها قوات الدعم السريع".

وقد تعامل عامل اجتماعي سوداني في مخيم الطويلة مع أكثر من 100 ضحية خلال الأشهر القليلة الماضية، لكن يُعتقد أن العدد الحقيقي للضحايا أعلى بكثير بسبب الوصم الاجتماعي والخجل الذي يمنع الضحايا من الإبلاغ.

التطهير العرقي والتنمر الجنسي

أشارت "ناتالي نان"، خبيرة جرائم الحرب في "ليكسبريدج للمحاماة"، إلى أن هجمات قوات الدعم السريع تبدو ممنهجة وليست عشوائية، مضيفة: "شكوكي الساحقة هي أنها تُستخدم لترهيب والسيطرة على السكان المدنيين".

ويُتهم مقاتلو قوات الدعم السريع، التي تتشكل إلى حد كبير من الميليشيات العربية ومنظمة الجنجويد سيئة السمعة، بارتكاب مذابح واسعة النطاق ضد جماعات أفريقية سوداء مثل المساليت والزغاوة، والقيام بعمليات تطهير عرقي.

ويُزعم أن العنف الجنسي غالباً ما يكون مصحوباً بإهانات عرقية، حيث يحاول المقاتلون "تلقيح ضحاياهم عمداً لولادة أطفال عرب". وقد تم تصوير ناشطة دعائية تابعة لقوات الدعم السريع في وقت سابق من هذا الشهر وهي تحث المقاتلين على اغتصاب النساء من أجل "تطهير سلالتهن".

و قالت "ليتيسيا بادر"، مديرة قسم القرن الأفريقي في هيومن رايتس ووتش: "شهدنا مرارًا أفرادًا من الدعم السريع يعبّرون عن نية تطهير المجتمعات عبر العنف الجنسي... وقد رأينا تكرار هذا من مقاتلين في مناطق متعددة، ليس فقط دارفور."

دعوات دولية لوقف تدفق الأسلحة

في سياق متصل، دعا وزير الخارجية الأمريكي "ماركو روبيو" هذا الأسبوع إلى عمل دولي لقطع إمدادات الأسلحة عن قوات الدعم السريع، التي اتُهمت الإمارات العربية المتحدة بتقديم الدعم لها عبر تشاد وليبيا، وهو ما تنفيه الإمارات بشدة.

وقال مسؤول إماراتي إن بلاده ترفض بشكل قاطع أي ادعاءات بتقديم أي نوع من الدعم لأي طرف في الصراع، وندد بالفظائع التي ارتكبها الطرفان.

وفي نهاية اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع، قال روبيو إن قوات الدعم السريع ارتكبت فظائع ممنهجة، بما في ذلك القتل والاغتصاب والعنف الجنسي ضد المدنيين.

 (تقرير لـ "بن فارمر، وليليا سبوعي، كونان تيبن" ـ التلغراف)