• لبنان
  • الخميس, تشرين الثاني 06, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 7:50:47 ص
inner-page-banner
الأخبار

تدريبات في لبنان وسوريا ودورات عسكرية في الجية وبيروت ودروس تعبئة في قصقص وقريطم (2 من3)

نورما أبو زيد ـ نداء الوطن

انزلقت "الجماعة الإسلامية" مجددًا إلى خندق العمل العسكري، بعد أعوامٍ من الاكتفاء بالدعوة والسياسة، لتعيد إلى الواجهة "قوات الفجر" وارتباطاتها القديمة.

فقد كشفت التحقيقات العسكرية في ملفّ شبكة بتيبات ـ حمانا، عن أن عناصر من "الجماعة" و"حماس" خضعوا لتدريبات عسكرية داخل لبنان وسوريا، ضمن تنسيقٍ منظم عابر للحدود، يعيد رسم مشهد أمني مقلق، ويكشف عن خلايا نائمة تتحرّك خارج سلطة الدولة اللبنانية. مشهد تتقاطع فيه العقيدة بالسلاح، والسياسة بالسريّة، ليطرح سؤالًا خطيرًا: لماذا عادت "الجماعة" إلى لغة السلاح؟ ولماذا هذا التقاطع المريب مع "حماس" في لحظة يُفترض أن سلاح المخيمات فيها على طريق الدولة، لا على طريق قطع الطريق على الدولة؟

قبل أن تنصرف "الجماعة الإسلامية" إلى العمل الدعوي ـ السياسي البحت، كانت تمتلك ذراعًا عسكرية نشأت في مطلع الثمانينات، عقب الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، حملت اسم "قوات الفجر". وقد نفذت عمليات مشتركة بالتنسيق مع فصائل فلسطينية، وكانت تعتبر نفسها جزءًا من "جبهة المقاومة الوطنية الإسلامية".

وعندما برز "حزب الله" كقوة رئيسية، تراجع دور "قوات الفجر" تدريجيًا، حتى اختفت تمامًا من المشهد العسكري، ولم يسجّل لها أيّ أنشطة علنية بعدها. وعليه، يبقى السؤال معلقًا: لماذا أعادت "الجماعة الإسلامية" تموضعها في المشهد العسكري، رغم ما يثيره ذلك من شبهات ومحاذير في مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار؟

تكشف التحقيقات العسكرية خيوط القضية بدقة لا تقبل الالتباس، وبوضوحٍ مثيرٍ للانتباه. وفق معلومات مؤكّدة حصلت عليها "نداء الوطن"، أقرّ  اللبنانيون التسعة الموقوفون في قضية بتبيات ـ حمانا بانتمائهم إلى "الجماعة الإسلامية"، فيما اعترف قائد المجموعة ب،م.ع. بأنه كان على تواصل مباشر مع مسؤولَيْن بارزين في التنظيم، يُعرف أحدهما بكنية "أبو خالد" والثاني بـ "أبو علي"، ولا يزال هذان المسؤولان مجهولي كامل الهوية حتى الساعة. وفي المقابل، أكّد الفلسطينيان الحاملان للجنسية الأردنية ارتباطهما بـ "حماس"، ما يسلّط الضوء على شبكة مترابطة من العلاقات والتنسيق العسكري بين التنظيمين.

بالتحقيق مع موقوفي "الجماعة"، اعترفوا بانضمامهم إلى مجموعة "الفجر" ذات الطابع العسكري، وبأنهم خضعوا لدورات مكثفة تناولت مهارات ميدانية في تحديد الاتجاهات وقراءة الخرائط واستخدام السلاح والمسيّرات والطيران ومبادئ القنص، ترافقت مع محاضرات فكرية وإيديولوجية ضمن إطار تعبوي منظم على يد شيخ كنيته "أبو معاذ".

وكشف الموقوفون أن تلك المحاضرات الإيديولوجية كانت تُعقد بدايةً في محلّة قصقص، قبل أن تنتقل لاحقًا إلى شقة في منطقة قريطم، بحضور المدعو "أبو عماد" الذي لعب دورًا محوريًا في الجوانب التعبوية والتنظيمية والتمويلية قبل أن يُقتل. وتستبعد الجهات العسكرية أن يكون "أبو عماد" هو نفسه القيادي في "الجماعة الإسلامية" حسين عطوي الذي قُتل في غارة من مسيّرة إسرائيلية استهدفت سيارته في نيسان، إذ كشفت التحقيقات أن "أبو عماد" زوّد ب.م.ع. بمبالغ مالية في شهر تموز إنفاذًا لطلب قائد "قوة الفجر"، ما يعني أنه قُتل بعد هذا التاريخ إذا صحّت الاعترافات بأنه قُتل.

ودائمًا بحسب المعلومات المؤكّدة التي حصلت عليها "نداء الوطن"، أفاد الموقوف ب.م.ع. بأن "أبو خالد" و"أبو علي" كانا يحثان العناصر على استقطاب مزيد من الشبان للانخراط في الدورات التدريبية العسكرية التابعة لـ "الجماعة"، وأن "أبو خالد" تحديدًا، هو من أحضر الفلسطينيين ـ الأردنيين إلى مخيم "عين الحلوة" عام 2023، حيث شاركا في عمليات التدريب الميداني. كما أقرّ بأن "أبو خالد" نفسه، كان يتولّى التمويل وتأمين الأسلحة، ما يربط بين الجانبين اللوجستي والتنظيمي في بنية الشبكة.

لعلّ الأخطر في الاعترافات، ما أدلى به س.د.م.ط.، إذ كشف عن وجود معسكر تدريب تابع لـ "الجماعة الإسلامية" في سوريا، انتقل إليه في شهر آذار الفائت، حيث خضع لدورة تدريبية بإشراف عناصر من "حماس". كما اعترف أ.م.ر.، وح.م.ر.، وغ.م.أ.ق.، وز.ي.ي.، وح.ي.ي.، وج.ي.ي.، بخضوعهم لدورة تدريبية في سوريا. وقد توقفت عند هذه المعطيات الجهات الأمنية والقضائية المعنية، نظرًا لما تحمله من مؤشرات على عملٍ عابرٍ للحدود بين "الجماعة الإسلامية" و"حماس"، يتجاوز الطابع الفردي أو العفوي، إلى عمل منظم.

وتكتسب إفادة س.د.م.ط. أهمية خاصة، إذ أقرّ أيضًا بأنه شارك في دورات عسكرية وأمنية داخل لبنان، وتحديدًا في شقق تقع في بيروت والجية، أشرف عليها المدعو "أبو علي" الذي كان يتعمّد إخفاء وجهه.

وهذه المعطيات وفق مصادر التحقيق، تشير إلى وجود خلايا أخرى تابعة لكلّ من "الجماعة الإسلامية" و"حماس"، تعمل في مناطق لبنانية متعدّدة، وتخضع لتدريبات يحظرها القانون اللبناني سواء داخل لبنان أو خارجه.

التدريبات الميدانية في بتبيات وسوريا، والدورات العسكرية في شقق في بيروت والجية، والتعبئة الإيديولوجية في قصقص وقريطم، كلّها تؤكّد بحسب مصادر أمنيّة أن "الجماعة الإسلامية" تعمل وفق مخطّط عسكري منظم، يمتدّ خارج سلطة الدولة اللبنانية. وبحسب معلومات "نداء الوطن"، تواصل مخابرات الجيش التحرّي عن هويّات المكنّيين "أبو خالد" و"أبو علي"، كما تعمل على القبض على م.ع.ع. الموقوف غيابيًا، والبالغ 62 عامًا، فيما تضمّ الشبكة قاصرًا لا يتجاوز 16 عامًا، ما يسلّط الضوء على أفق مظلم من تجنيد الأطفال في أعمال تحمل شبهات جنائية وأمنية بالغة.

بعدما كشفت التحقيقات العسكرية خيوط القضية، يوضح القرار الاتهامي خطوط الاتهام ضدّ الموقوفين. ما تفاصيل هذا القرار؟ وما المواد التي استند إليها الادّعاء؟ وهل ستدينهم المحكمة العسكرية وفقًا لهذه المواد؟

التفاصيل الكاملة في المقال الثالث.

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة