• لبنان
  • الثلاثاء, تشرين الأول 28, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 8:36:11 ص
inner-page-banner
الأخبار

جامعات لبنان: قاعات بطلّاب مُرهَقين وأحلام تقاوم الانهيار

جوانا صابر ـ نداء الوطن

بين مقاعد المحاضرات وضغط الامتحانات، وبين دوامٍ طويل في المقاهي أو الشركات الصغيرة، يعيش آلاف طلّاب الجامعات في لبنان سباقًا يوميًّا مع الزمن. شباب في مقتبل العمر، يفترض أن يكون همّهم الأوّل التحصيل العلميّ، لكن الواقع الاقتصادي فرض عليهم معادلة أصعب: كيف يوازن الطالب بين لقمة العيش ومستقبل أكاديمي لا يحتمل التهاون؟

في الصباح الباكر، يهرع الطالب إلى قاعة الدرس حاملًا كتبه بيد وكوب القهوة بيد أخرى، فيما ذهنه مشغول بالدوام الذي ينتظره بعد الظهر. بعضهم يعمل بدوام جزئيّ في خدمة الزبائن، وبعضهم في المكاتب أو في مجالات حرّة عبر الإنترنت، ليوفروا مصاريف التسجيل والنقل، وربّما ليساعدوا أهلهم في مصاريف المنزل.

إميل موسى، طالب في سنته الثالثة، يعيش يومه بين قاعات الجامعة وضجيج متجر صغير للكتب يعمل فيه بعد الظهر. يحلم أن يصبح مديرًا ناجحًا، لكنه الآن يكتفي بأن يحمي حلمه من الانكسار. يقول بعفوية: "الشغل ما بيحميني بس ماديًا… هو بيحميني من فكرة إنو إستسلم". راتبه البسيط لا يكفي أكثر من مصاريف النقل والكتب، لكنه يعتبره خطوة تحفظ له كرامته. في كل ساعة عمل، يرى نفسه أقرب إلى هدفه، وفي كل محاضرة، يجد ما يؤكّد له أن الطريق مهما طال لن يضيع.

التحدّي لا يقف عند الإرهاق الجسديّ، بل يتعدّاه إلى ضغط نفسيّ كبير: كيف يراجع طالب مواده الجامعيّة بعد يوم عملٍ طويل؟ كيف يقدّم مشروع تخرّج بينما تفكيره مشغول بتأمين بدل النقل في اليوم التالي؟ ورغم ذلك، نراهم يبتسمون، يتمسّكون بأحلامهم، ويواصلون طريقهم على أمل أن يأتي يوم يحصدون فيه ثمار هذا الجهد المزدوج.

اللافت أن هذه الظاهرة لم تعد استثناءً، بل تكاد تكون قاعدة. الجامعات باتت شاهدة على طلابٍ يدخلون الصفوف بعيون متعبة، ويحملون في حقائبهم ليس فقط كتبًا ودفاتر، بل أيضًا أوجاع جيل يحاول النجاة وسط الأزمات. ومع ذلك، يتعامل هؤلاء الشباب مع الوضع بصلابة لافتة، معتبرين أن التجربة، رغم قسوتها، تصقل شخصيّاتهم وتمنحهم قوّة إضافية في مواجهة المستقبل.

في النهاية، يبقى السؤال: هل تتحوّل هذه المرحلة إلى فرصة لصناعة جيل أكثر صلابة وإبداعًا، أم أن الإرهاق المستمرّ سيترك أثرًا عميقًا على أحلام طلاب الجامعات؟ ما هو مؤكّد أن قصصهم اليوميّة تكتب فصلًا جديدًا من حكاية الصمود اللبناني، حيث لا شيء يوقف طموح الشباب… حتى لو كان الزمن نفسه.

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة