المجتمع

م. محمود بصراوي ـ بوابة صيدا

كثيرًا ما نسمع عبارة "من جد وجد" أو "لكل مجتهد نصيب"، لكنها قد توحي للبعض أن الاستمرارية في السعي تكفي وحدها للوصول إلى الهدف. الحقيقة أعمق من ذلك؛ فليس كل من يسعى يصل، وليس كل من يستمر يحقق ما يريد. السعي المستمر شرط أساسي للنجاح، لكنه ليس الضامن الوحيد.

معنى العبارة

"استمرارية السعي لا تعني حتمية الوصول" تعبير يعكس الواقع العملي للحياة. يمكن أن تبذل جهدًا كبيرًا في طريقٍ ما، وتظل سنوات طويلة تسعى، ومع ذلك قد لا تصل إلى الغاية المنشودة لاعتبارات خارجة عن إرادتك: ظروف السوق، تغيرات البيئة، الحظ أحيانًا، أو حتى خطأ في اختيار الهدف نفسه.

البعد النفسي

الإنسان حين يدرك أن السعي ليس ضمانًا للوصول، يتعلّم قيمة التوازن النفسي. فهو يسعى ويجتهد، لكن دون أن يربط هويته ورضاه عن نفسه بالنتائج فقط. هنا يصبح السعي نفسه قيمة، لأنه يمنح خبرة، صلابة، مهارات، وعلاقات، حتى لو لم يتحقق الهدف المحدد.

البعد العملي

من الناحية العملية، السعي المستمر يحتاج إلى مراجعة دورية. لا يكفي أن نمشي في الطريق نفسه لسنوات، بل يجب أن نتأكد أن هذا الطريق يؤدي فعلًا إلى حيث نريد. كثير من الناس يسعون بلا توقف، لكن في اتجاه غير صحيح. لذا، النجاح لا يعتمد فقط على الاستمرارية، بل على:

وضوح الهدف.

مرونة في التغيير عند الحاجة.

تعلم من الأخطاء بدل تكرارها.

وعي بالعوامل الخارجية التي قد تؤثر على المسار.

فلسفة الحياة

الحياة ليست معادلة رياضية تعطي نتيجة مضمونة إذا أدخلت الجهد. هي مزيج من العمل الجاد، التخطيط، الفرص، والتوفيق. إدراك هذه الحقيقة يحرر الإنسان من الضغط النفسي، ويجعله أكثر واقعية: أنت تسعى لأن السعي قيمة، وتفرح بالنتائج إن تحققت، لكنك لا تربط سعادتك كلها بها.

الخاتمة

إذن، الاستمرارية في السعي مهمة وضرورية، لكنها لا تضمن الوصول. النجاح يحتاج إلى ذكاء في الاختيار، مرونة في التكيف، وقبول بأن الفشل أحيانًا جزء من الرحلة. الأهم أن تجعل السعي نفسه سببًا للنمو والتطور، لا مجرد وسيلة للوصول إلى خط النهاية.