د. عبد الكريم بكار ـ بوابة صيدا
كثير من الآباء والأمهات ينزعجون من عناد أطفالهم، ويرونه سلوكاً سلبياً ينبغي قمعه أو التخلص منه.
لكن الحقيقة التي تؤكدها دراسات النمو السلوكي والنفسي، أن العناد في مرحلة الطفولة قد يكون أحد المؤشرات المبكرة على التكوين القيادي، والاستعداد للاستقلال الشخصي في المستقبل.
إننا لا نُربِّي أطفالنا ليُعجبونا في الحاضر، وإنما لنُخرج من بين أيدينا إنسانًا حراً، واعياً، يعرف ما يريد، ويعرف كيف يصل إليه.
ومن هنا، يصبح السؤال المهم:
كيف يمكن أن نوجه هذا العناد، دون أن نُفسده بالقمع أو نُفسد الطفل بالدلال؟
أولاً: افهم دوافع الطفل قبل أن تُطلق عليه الأحكام: الطفل لا يعاند عبثاً، وإنما يعبر عن حاجة داخلية للشعور بالاستقلالية، والرغبة في أن يكون له أثر. وإذا لم نحترم هذه الحاجة، تحولت إلى تمرد أو خضوع مرضي.
ثانياً: أسلوب الخطاب أهم من مضمون الكلام: الطفل لا يستقبل الكلمات فقط، بل يستشعر ما وراءها من تقدير أو إهانة. كلما كانت لغتنا معه قائمة على الاحترام والتقدير، قلّت حاجته إلى الاعتراض.
ثالثاً: التفاوض مع الطفل لا يُسقط هيبة الوالدين، بل يُنمي وعي الطفل: حين نتيح للطفل فرصة أن يُبدي رأيه، وأن يكون له نصيب من صناعة القرار، فإننا نُربي فيه ملكة التفكير، ونُشعره بأنه جزء من الحياة، لا مجرد تابع.
رابعاً: لا نطلب من الطفل شيئاً لم نتقنه نحن أولاً: ضبط النفس، والهدوء في الحوار، والاستماع قبل إصدار الحكم… كلها قيم لا يمكن غرسها في الطفل بالكلام، بل بالسلوك. فنحن لسنا فقط من يُربِّي أبناءنا، بل سلوكنا هو المربّي الحقيقي لهم.
خامساً: بناء السلوك الإيجابي لا يكون بالعقوبة، بل بالتوجيه والمكافأة المعنوية: حين نُشيد بلحظة إيجابية قام بها الطفل، ونعيد تذكيره بها، فإننا نُفعِّل في داخله صورة ذاته الإيجابية، ونُعزز إحساسه بقيمته.
ختاماً: لا ينبغي أن نسعى إلى كسر إرادة الطفل، وإنما إلى تهذيبها وتوجيهها. فالطفل الذي يرفض الصواب اليوم بعناد، قد يكون هو من يُصرّ على الحق غداً بشجاعة.
المسألة ليست في كبح اندفاعه، بل في تعليمه كيف يوجه طاقته في الطريق الصحيح.
إن التربية الحكيمة هي أن نكون شركاء في تشكيل شخصية أبنائنا، لا خصوماً في معركة السيطرة عليهم.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..