غاييل بطيش ـ نداء الوطن
في السنوات الأخيرة، أصبحت ظاهرة التحرش في لبنان تتصدر الحديث الاجتماعي، حيث تتسارع بشكل مقلق بين مختلف الفئات العمرية، وتطال الأطفال والشباب على حد سواء. ومع الانفتاح الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من السهل على المتحرشين الوصول إلى ضحاياهم، في ظل غياب الرقابة الأسرية أحياناً، وتزايد التفكك الاجتماعي. كما أن عدم وجود قوانين رادعة وغياب التوعية الكافية يجعل من هذه الظاهرة مشكلة معقدة تتطلب تدخلاً سريعاً. ومع تزايد الحوادث المتعلقة بالتحرش، بات من الضروري أن يُنظر لهذه القضية كأولوية مجتمعية تتطلب حلولاً شاملة وحازمة.
وفي حديث لـ "نداء الوطن" قالت رئيسة الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان، أميرة سكر: "العوامل التي تؤدي إلى ظاهرة التحرش متعددة، منها العوامل الاقتصادية، بالإضافة إلى العوامل الأساسية مثل تفكك الأسر وانشغال الأهل عن أولادهم بسبب ضغوطات الحياة والطلاق".
وأضافت: "التحرش لا يقتصر فقط على الأطفال تحت سن 18، بل أصبح ظاهرة تشمل جميع الأعمار والأجناس، سواء كانوا من الإناث أو الذكور. وفي ظل الانفتاح الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك"، يلاحظ الأطفال أحياناً مقاطع فيديو قد تحتوي على نكات أو محتوى لا يفهمونه، ما يجعلهم يسعون للبحث عن معنى هذه الأمور. بعضهم قد يدخل إلى مواقع غير آمنة، وهذا يرتبط بغياب الرقابة من الأهل".
وتابعت سكر: "التحرش يمكن أن يكون لفظياً أو جسدياً، حيث قد يتعرض الطفل للمس في أماكن غير مريحة، أو قد يشاهد أفلاماً إباحية. هناك أشكال متعددة للتحرش، ولهذا يجب على الأهل أن يكونوا حذرين".
وأشارت إلى أن "الأطفال أصبحوا أكثر قدرة على التحدث عن تجاربهم والإبلاغ عنها، ما يعكس تغيراً إيجابياً في المجتمع. بعض الأطفال أصبحوا على دراية بمفهوم التحرش وكيفية التبليغ عنه، ولكن لا يزال هناك الكثير من الأطفال الذين لا يعرفون كيف يتصرفون في مثل هذه الحالات".
وأوضحت سكر: "اليوم، لا يوجد قانون موحد في لبنان يعالج قضية التحرش بشكل فعال، وذلك بسبب التنوع الثقافي الكبير في البلاد. وبالتالي يجب أن يكون هناك قانون رادع، إذ بمجرد تطبيقه، لن يجرؤ أحد على قول كلمة أو تصرف غير لائق تجاه الآخرين. لكننا لا نعلم كم من الوقت سيستغرق الأمر للوصول إلى هذا الوضع".
واستكملت: "لا توجد معالجة فعالة للأشخاص الذين يعانون من هذه الظاهرة، وبالتالي من مسؤولية الدولة توفير برامج متابعة اجتماعية ودعم لهؤلاء الأشخاص من أجل الحد من انتشار هذه الظاهرة".
وأضافت سكر: "منذ عام 2016، تغيّر الإعلام اللبناني بشكل ملحوظ، حيث أصبح أكثر وعياً بشأن عدم ذكر أسماء الضحايا، ولكن رغم ذلك، يبقى هناك بين الحين والآخر من يخرج عن هذا الاتجاه".
ولفتت إلى أنه "يجب أن تكون هناك توعية للأبناء، وهذه التوعية يمكن أن تأتي من الأهل أو من المدرسة. ولكن من الضروري أن يكون هناك تحكم دقيق في كيفية الحديث مع الأطفال، حيث أن الطريقة التي يجب أن نتحدث بها مع طفل عمره 6 سنوات تختلف عن تلك التي نتعامل بها مع فتى في السابعة عشرة من عمره. هناك اختلافات ثقافية وفكرية يجب مراعاتها".
وشددت سكر على أنه "يجب على الأهل تقبل فكرة أن أطفالهم يتحدثون عن هذه المواضيع، بدلاً من محاولة إخفائها أو تجنب الحديث عنها".
وختمت سكر قائلة: "لا أحد يرغب في إغلاق دور الحضانات أو ملاعب الأطفال أو المؤسسات التعليمية، ولكن في نفس الوقت لا يمكننا المخاطرة بإرسال أطفالنا إلى أماكن غير آمنة. يجب على جميع المؤسسات في لبنان أن تتبع الإجراءات الصحيحة، مثل الترخيص والامتثال للمعايير الضرورية لحماية الأطفال. إذا لم يتم تطبيق هذه المعايير، فقد نشهد حالات مشابهة للحوادث الأخيرة. وأيضاً يجب على المعلمين والمعلمات أن يتفهموا أن الرحلات المدرسية ليست مجرد فرص لتناول القهوة، بل هي مسؤولية كبيرة تتطلب اهتماماً دقيقاً ورعاية كاملة للأطفال".
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..