• لبنان
  • الجمعة, أيار 16, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 11:54:31 ص
inner-page-banner
الأخبار

نسب الاقتراع (ليست) منخفضة: 60% من ناخبي بيروت مهاجرون

زينب حمود ـ الأخبار

يمكن الاعتقاد، عند النظرة الأولى، أن نسب الاقتراع المنخفضة في الانتخابات البلدية والاختيارية التي أجريت في جبل لبنان والشمال (26% في طرابلس، 32% في بشري، 34% في المتن...)، تؤشر إلى مزاج عام من عدم الثقة بالنظام السياسي عموماً والمجالس البلدية خصوصاً، وعدم توقّع أي تغيير مهمّ على صعيد الخدمات العامة، خاصة في ظلّ العجز المالي الذي تعاني منه المجالس المحلية. لكن، عند التدقيق في دوافع المشاركة في الانتخابات ومعايير اختيار المرشح، التي لا تتّصل غالباً بالكفاءة والجدارة في تسيير شؤون البلدة وتنفيذ المشاريع الإنمائية، يُمكن فهم سبب عزوف اللبنانيين عن الاقتراع.

الأمين العام لحركة «مواطنون ومواطنات في دولة» شربل نحاس يوضح أن «نسب المشاركة في الانتخابات ليست متدنية قياساً بعدد الناخبين المقيمين»، وإنما «منخفضة قياساً بالعدد الإجمالي للناخبين المسجلين».

ويُضيف: «بمعنى آخر، إذا أخذنا بعين الاعتبار معدل الهجرة في طرابلس مثلاً، الذي يساوي 43%، يصير مفهوماً سبب تدني نسبة الاقتراع إلى 26%. أما وصول نسب الاقتراع إلى 40% في أقضية أخرى، فيعني مشاركة فعلية بنسبة 75% من الناخبين المقيمين».

وعلى المنوال نفسه، يتوقّع نحاس أن تتراجع نسب الاقتراع إلى أدنى مستوياتها في الانتخابات البلدية في بيروت الأحد المقبل، بالاستناد إلى آخر إحصاء أعدّته حركته، وأطلقته قبل أيام، والذي يظهر أنّ عدد السكان المسجّلين في بيروت اليوم يبلغ 780 ألفاً (بينهم 515 ألف ناخب)، ويتوزع هؤلاء بين 445 ألف مهاجر (58%) مقابل 335 ألف مقيم في لبنان (42%). مع العلم أنّ «نصف المقيمين يسكنون في بيروت الإدارية فعلاً، والباقين بغالبيتهم يتوزعون على ضواحي محافظة جبل لبنان».

بالعودة إلى سؤال: «لماذا ينتخب اللّبناني؟»، يرى أستاذ علم الاجتماع في «الجامعة اللبنانية» طلال عتريسي أنّ «الهدف التنموي يبقى أضعف دوافع الخيار الانتخابي، لتفرض الاعتبارات السياسية نفسها، كذلك الاعتبارات العائلية في الانتخابات البلدية والاختيارية، أكثر منها في الانتخابات النيابية». ويشرح أن «النّاخب يختار المرشح الذي تربطه به صلة قرابة أو لأنه ينافس العائلة الخصم.

وأحياناً كثيرة يختار العائلة الأكبر التي لها نفوذ في البلدة». كما يبيّن أن وصول أبناء العائلة الأكبر إلى مقاعد المجلس البلدي، ولا سيما الرئاسة «يعكس جواً عاماً مشحوناً في كثير من البلدات لما يراه البعض معياراً غير منصف، لأنّه قد تجِد في العائلات الصغيرة مرشحين جديرين، ولأن المرشح يجب أن يمثل كلّ القرية، ويعمل لمصلحة الجميع وليس لمصلحة عائلته التي أتت به».

يؤكد نحاس في السياق نفسه أنّ سردية الانتخابات كمسألة تنموية هي «سردية كاذبة» يستخدمها المرشحون لـ«التسويق لأنفسهم في الحملات الانتخابية». إذ يوجد «فرق بين السكان الفعليين والناخبين في القرى والمدن والضواحي، لذلك لا يكون الناخب متحمّساً للمشاركة في إنماء بلدة لا يسكن فيها، ويتبع لها في سجلات النفوس فقط، ولا تربطه فيها سوى المقبرة التي لا بدّ أن يعود إلى بلدته من بوابتها».

ويسأل نحاس بسخرية «عن أي إنماء يتحدثون والبلديات الـ 1100، ما عدا قلة قليلة، لا تتحمل أياً من مسؤولياتها مقابل إدارات وخدمات معطلة وهجرة جارفة؟». في رأيه، يُصوّت اللبناني لسببين؛ «إمّا لأنه تقاضى ثمن صوته، أو ليظهر أن طائفته وازنة وزعيمه قوي، وهي آلية دفاعية تقيه شرّ الطرف الآخر، لأن المجتمع يقوم على العصبية والخوف من الآخر».

إضافةً إلى ذلك، تخلو البرامج الانتخابية من مشاريع تنموية وأفكار لإنعاش البلدات، وإن وُجدت تأتي بصورة عابرة كـ«رفع عتب»، وبـ«عناوين واسعة وفضفاضة من دون خطط عملية للتطبيق». والإعلام شأنه شأن المرشحين في تغطية الانتخابات، لا يسأل عن البرامج الانتخابية ومواصفات المرشحين والفائزين بقدر ما يعنيه تركيب اللوائح وزخم المعارك الانتخابية، ثم قراءة النتائج لتبيان حجم القوى السياسة، وهكذا يتشكل وعي الجمهور حول العملية الانتخابية والجدوى منها.

المشكلة أن رؤساء البلديات «كذّبوا الكذبة وصدقوها»، وصار مفهوم التنمية الذي سوّقوا له «يعني لهم تعبيد طريق وتركيب لمبات في الشوارع أو ألواح طاقة شمسية... بعيداً كلّ البعد عن العمل الإنساني التنموي من بابه الواسع».

فأُهملت بذلك الظواهر الاجتماعية والقضايا التي تستدعي معالجة سريعة، ومنها «عدد العائلات الفقيرة، وبرامج الإغاثة، والواقع الزراعي، المسار التصاعدي لمعدلات الهجرة»، بحسب عتريسي، الذي يتوقّف عند «إهمال البلديات لواقع الشباب، فلا تستوقفها مثلاً أن يكون هناك في القرية الواحدة 30 قهوة يقضي فيها الشباب أغلب أوقاتهم، وما يعنيه ذلك من بطالة متفشية كالنار في الهشيم». ويسأل عتريسي «ماذا تعرف البلديات عن الواقع التعليمي وعدد المعوقين وكبار السن ومعدلات الزواج والطلاق والولادات في البلدة؟».

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة