مازن كريّم -قدس برس
في خطوة لافتة وغير معتادة، أصدر "المجلس الأعلى للدفاع" (أعلى سلطة دفاع) في لبنان تحذيرًا مباشرًا لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ممّ أسماه "مغبة القيام بأي أعمال تمسّ الأمن القومي اللبناني انطلاقًا من أراضيه".
ويأتي هذا الموقف في توقيت إقليمي بالغ الحساسية، وسط تصاعد التوترات على الحدود الجنوبية، واستمرار العدوان على غزة، وحديث متجدد عن تهدئة شاملة أو تسويات مرتقبة.
ويفتح هذا التحذير الباب أمام تساؤلات عدة حول خلفياته السياسية والأمنية، وأبعاده الحقيقية، وانعكاساته على العلاقة التاريخية بين الدولة اللبنانية والفصائل الفلسطينية، لا سيما في ظل "خصوصية أمنية" طالما حكمت واقع المخيمات الفلسطينية في لبنان.
مصدر عسكري لـ"قدس برس": التحذير يخضع لضغوط خارجية ويهدد التوازن الداخلي
يرى العميد الركن المتقاعد، نضال زهوي، الخبير العسكري والاستراتيجي في الجيش اللبناني، أن "الوجود الفلسطيني المسلح داخل المخيمات يستند إلى اتفاق القاهرة الموقَّع عام 1969، والذي لا يزال ساري المفعول من الناحية السياسية رغم الخروقات الأمنية التي شهدها مخيم نهر البارد وبعض التوترات في عين الحلوة"
وأشار إلى أن "تدخل الجيش اقتصر حتى الآن على منطقة التعمير، التي تُعد خارج النطاق الإداري للمخيمات".
واعتبر العميد زهوي في تصريح خاص لـ"قدس برس" أن "تجاهل المجلس للاعتداءات (الإسرائيلية) المتكررة على لبنان والمقاومة، وتركيزه على (حماس)، يشير إلى خضوع رسمي متزايد للضغوط الأميركية والغربية".
السيناريو الأخطر: التوطين وإشعال حرب أهلية
وحذر من أن "المساس باتفاق القاهرة يُمهِّد فعليًا لسيناريوهات خطيرة، أبرزها التوطين القسري للاجئين الفلسطينيين، وهو ما تسعى إليه الولايات المتحدة كمدخل لتصفية القضية الفلسطينية".
وأضاف أنّ "أي عمل عسكري داخل المخيمات قد يشعل شرارة حرب أهلية جديدة في لبنان، تهدد استقراره الهش".
ووصف العميد المشهد الإقليمي الحالي بـ"المشبوه"، مشيرًا إلى "خطوات مماثلة لحظر (حماس) في الأردن، واستعداد دول عربية أخرى لاعتماد سياسات مشابهة، في إطار حملة منسقة لتجريم قوى المقاومة وتهيئة الأجواء لفرض تسويات إقليمية لا تتسق مع إرادة الشعوب".
وختم زهوي بالتحذير من "مخاطر تحوّل الجيش اللبناني إلى ما يشبه (حارس حدود) للكيان الصهيوني، في حال استمر استهداف قوى المقاومة وفرض الوقائع الأمنية والعسكرية بغطاء دولي".
ضغط دولي ومحاولات لحصر السلاح بيد الدولة
من جانبه، أوضح العميد الركن المتقاعد، والخبير العسكري والاستراتيجي، منير شحادة، في حديث لـ"قدس برس"، أن"التحذير الأخير نابع من ضغوط دولية كبيرة تمارس على لبنان، في ظل حصار متعدد الجوانب يشمل ملف إعادة الإعمار، وقيود على المطار، ومنع تدفق الأموال إلى (حزب الله)، إضافة إلى تضييق على المقاومة من جهة الحدود الشرقية مع سوريا".
وأشار شحادة إلى أنّ "العهد اللبناني الجديد يسعى لحصر السلاح بيد الدولة، ويبدو أن هذا التوجه يحظى برضى دولي وإقليمي، خاصةً من دول الخليج، في ظل تراجع نسبي في النفوذ الإيراني على الساحة اللبنانية".
كما لفت إلى أن "السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس أعطت ضوءًا أخضر ضمنيًا لهذا التوجّه، بما يشمل سلاح الفصائل الفلسطينية في لبنان".
وختم شحادة بدعوة الفصائل الفلسطينية إلى"ضرورة التنسيق والتعاون مع الدولة اللبنانية، لتفادي أي اشتباكات داخلية قد تجرّ البلاد إلى حالة من الفوضى وعدم الاستقرار".
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..