• لبنان
  • الخميس, نيسان 24, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 1:48:32 م
inner-page-banner
الأخبار

رئيس الجمهورية ومعادلة "صفر سلاح - صفر دماء"

سامر زريق ـ نداء الوطن

منذ انتخابه رئيساً للجمهورية، أظهر العماد جوزاف عون التزامه الجدّي بمندرجات خطاب قسمه، وخصوصاً احتكار الدولة للسلاح والإمرة عليه. وفيما كان بإمكانه استثمار الزخم الذي صاحب انتخابه والدعم العربي والخارجي، لإطلاق عملية "نزع السلاح" بشكل سريع وصادم، مهما كانت الأثمان، إلا أنه فضّل التعامل مع هذه القضية الشائكة عبر معادلة متوازنة "صفر سلاح - صفر دماء"، لإدراكه بأن "الحزب الإلهي" بعد الخسائر الفادحة التي نزلت به، وتقاعد الجبهة الجنوبية، وانتهاء الدور الإقليمي لـ "بندقيته"، وفقدانه حق "الفيتو" داخل النظام السياسي الممهّد لزوال نفوذه، صار أكثر تحفّزاً لافتعال الإشكاليات والفتن التي يمكنها أن تعرقل عهده وتدخله في مسار استنزاف سلبي عليه وعلى الدولة.

وفق هذه المعادلة، سعى رئيس الجمهورية إلى ترويض "الحزب" من خلال فتح قنوات التحاور المضبوط والمنتج، وتوظيف الضغط الخارجي الهائل، والاستفادة من المناخ السياسي الضاغط في الداخل، من أجل إقناعه بالتعاون والسير بالآليات التنفيذية لسحب السلاح وتدمير القواعد العسكرية، مع تجنّب نشر صور أو فيديوات لحفظ بعض من اعتباره "المسحوق". في موازاة مد يد الدولة لاحتواء غضب الجماهير بغية إفهامهم أنها هي الضمانة وليس "البندقية" التي انتهت صلاحيتها، معتبراً بعض ردود الأفعال "العنترية"، على مستوى القيادة أو الجماهير، أعراضاً جانبية لا مناص منها.

ومع تقدّم عملية نزع السلاح في جنوب الليطاني، وتمهيداً لاستكمالها شماله وما بعد شماله، دشّن رئيس الجمهورية المرحلة الثانية بالموقف المتقدم الذي أعلن عنه في حوار صحافي، والذي أكد فيه بشكل صارم أن "قرار سحب السلاح قد اتخذ"، ممهّداً الطريق أمام إعلان "نهاية التنظيم المسلح" وفق القواعد التي تتناسب مع "قيامة" الدولة، ليس في لبنان فحسب، بل كذلك في العراق واليمن، ناعياً بـ "دبلوماسية" وحدة الساحات "إلى الأبد".

إظهار نهاية وكلاء إيران أمام المجهر فجّر غيظ أركان "محور الممانعة" المتداعي، فطفق المتضرّرون من مشروع عودة الدولة يبثّون سموم التحريض لدكّ إسفين في العلاقات المميزة بين لبنان والعراق، عبر افتعال ضجيج دبلوماسي سرعان ما تبدّد تماماً على وقع الاتصال الهاتفي المطوّل بين رئيس الجمهورية ورئيس حكومة العراق، محمد شيّاع السوداني، والذي يشكّل الترجمة العملية للّقاء المطول الذي جمع الرئيسين على هامش القمة العربية في القاهرة، وتخلّله كلام كبير عن عمق العلاقات ووحدة السياق والقضايا، وعلى رأسها "قيامة" الدولة.

ما حصل يبرز من جديد حجم وتأثير الدور السلبي الذي لعبته إيران في العراق ولبنان لإضعاف مشروع الدولة، وإفساح المجال أمام شبكة ضخمة من الميليشيات والأذرع للهيمنة على مقدّرات البلدين، ناهيكم عن الإساءة لعلاقاتهما الخارجية، وإظهار أنهما جرميْن عربيّيْن يدوران في فلك "الملالي".

هذه الصورة يحرص الرئيس جوزاف عون على محوها تماماً عبر جولاته الخارجية، التي ترمي إلى تسويق معادلته التي تحفظ لبنان ودماء أبنائه من آلة القتل الإسرائيلية كما من انفجار "مسألة السلاح" في الداخل، وإعادة علاقات لبنان الخارجية إلى سابق عهدها، ولا سيما مع أشقائه العرب. والموقف المدروس الذي أطلقه بالتزامن مع زيارته إلى قطر، وعبر وسيلة عربية إقليمية، للتأكيد على "قيامة" الدولة، يعدّ إحدى الحلقات المكمّلة لهذه المعادلة التي أطلقها في خطاب القسم، وعزّزها في مواقفه من السعودية، ومن ثم في خطابه خلال القمة العربية.

كل ذلك زاد من حراجة وضعية "الحزب"، ودفع قادته إلى إطلاق مواقف نارية، بالتوازي مع نشاط محموم لآلته الإعلامية في اقتطاع مواقف رئيس الجمهورية من سياقاتها، لإيهام الجماهير "المفجوعة" بعودة عقارب الساعة إلى ما قبل "العهد". أحد أشكالها يتمثّل في تنسيب حلّ الأزمة الدبلوماسية المفتعلة إلى زيارة مدير عام الأمن العام إلى العراق، بغية حجب الضوء عن "رأس" الجمهورية، إلا أن ذلك يُعزّز من صدقية التزامه نهج الدولة التي ذهب اللواء حسن شقير لتمثيل مصالحها.

هذا الالتزام يتبدّى باستمرار الجيش في تسلّم السلاح بذات الوتيرة غداة خطاب نعيم قاسم وتصريحات وفيق صفا. ويبدو أن تصعيد "الحزب" استدرج تصعيداً إسرائيلياً أعاد التذكير بمراحل تطور "حرب الإسناد". إذ ذاك تصبح المعادلة التي يطرحها رئيس الجمهورية هي "خشبة الخلاص" لـ "الحزب" والمدنيّين والجيش، وكلما تعرقلت أكثر كانت الأثمان أكبر على الأطراف الثلاثة معاً، من دون أن تؤثّر هذه الأثمان، لا على "قيامة" الدولة ولا على القرار الكبير بسحب السلاح.

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة