• لبنان
  • الأحد, آذار 09, 2025
  • اخر تحديث الساعة : 11:38:03 م
inner-page-banner
الأخبار

لبنان والأزمة المركّبة: الاقتصاد لم ينمُ منذ 2017

ماهر سلامة ـ الأخبار

أصدرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا «إسكوا»، تقريراً يشير إلى أن الناتج المحلي الإجمالي في لبنان تقلّص بنسبة 85%، وأن اقتصاد لبنان سجّل أسوأ تراجع في تصنيف الدول العربية الأغنى بين عامي 2017 و2023، من المركز السابع إلى المركز الخامس عشر، وهذا ما تُرجم سلباً في مؤشرات الرفاهية.

التقرير الذي صدر بعنوان «الأحجام الحقيقية للاقتصادات العربية بين عامي 2017 و2023»، يتضمن مجموعة مؤشرات مبنية على أساس «معادلات القوّة الشرائية بين البلدان»، وهي طريقة في الاحتساب تظهر نسبة الانكماش الحقيقي للاقتصاد اللبناني الذي تضرّر منذ عام 2019 بفعل عوامل مختلفة، أهمّها الأزمة المركّبة في منتصف عام 2019: انهيار سعر الصرف، وأزمة المصارف.

خسرت الليرة اللبنانية نحو 98% من قيمتها، ما انعكس على المداخيل اللبنانية التي تضررت بشكل كبير. وأدّى انفجار الأزمة المصرفية إلى خسارة مدّخرات اللبنانيين بشكل هائل، إذ إن المصارف غير قادرة على تلبية التزاماتها بالدولار، في حين أن المدّخرين بالليرة خسروا 98% من قيمة مدّخراتهم مع انهيار العملة.

وقد انكمش الاقتصاد من نحو 51 مليار دولار في عام 2019 إلى 22 مليار دولار في عام 2024، بحسب أرقام البنك الدولي. وأتى مع هذا الأمر انهيار في قطاعات اقتصادية كاملة، مثل الخدمات المصرفية، التي سرّحت عدداً كبيراً من العمّال، بالإضافة إلى إغلاق الكثير من المؤسسات في العديد من القطاعات، وخسارة الاقتصاد لعدد كبير من الوظائف حتى أصبح معدّل البطالة قريباً من 30%.

وما زاد الأمر سوءاً هو ما تلا الأزمة، من جائحة كورونا التي انعكست على الاقتصاد كلّه وأسهمت في إغلاق الكثير من الأعمال، وانهيار قطاعات بحالها، مثل القطاع السياحي. وبعد ذلك أتت موجة التضخّم العالمية عقب الحرب الروسية الأوكرانية وانعكاساتها على الأسواق العالمية. وأخيراً الحرب الأخيرة، التي امتدّت انعكاساتها الاقتصادية منذ السابع من تشرين الأول 2023، وأثّرت بشكل أساسي على القطاعين الزراعي والسياحي. كل هذه العوامل، انعكست على الاقتصاد اللبناني بشكل أساسي، وعلى رفاه اللبنانيين بشكل خاصّ.

بحسب تقرير الإسكوا «بين عامي 2017 و2021 نما الحجم الحقيقي لجميع البلدان العربية، باستثناء لبنان، الذي انخفض ناتجه المحلي الإجمالي المحسوب على أساس مماثلات القوة الشرائية، بأكثر من النصف».

الناتج المحلي الإجمالي المحسوب على أساس مماثلات القوة الشرائية (PPP) هو مقياس اقتصادي يُستخدم لمقارنة النشاط الاقتصادي بين الدول، مع الأخذ في الاعتبار الفروقات في مستويات الأسعار بينها. ببساطة، بدلاً من تحويل الناتج المحلي الإجمالي للدول إلى عملة واحدة (مثل الدولار) باستخدام أسعار الصرف السائدة في السوق، يتم استخدام «مماثلات القوة الشرائية» لتعديل القيمة بناءً على ما يمكن أن تشتريه وحدة العملة في كل دولة. هذا يساعد على تقديم صورة أكثر دقة لمستوى المعيشة والقوة الاقتصادية الحقيقية للدول.

ومن المؤشّرات التي تظهر تراجع الاقتصاد اللبناني أن نسبة الناتج الإقليمي الذي اسـتحوذ عليها «انخفضت من 2.1% إلى 0.7% من حيث مماثلات القوة الشرائية بين عامي 2017 و2021 نتيجة الانهيار الاقتصادي والمالي الذي ضرب البلد في نهاية عام 2019 وما تلاه من تدهور فـي عملته».

كما «انخفضت نسبة استهلاك الأسر في لبنان من نسبة الإنفاق الإقليمي من 3% إلى 1.1%» (على أساس مماثلات القوة الشرائية على عناصر إنفاق مختارة من الناتج المحلي الإجمالي، 2017 و2021). هذا الأمر انعكس على الرفاه المادّي للأسر اللبنانية، الذي انخفض بدوره أيضاً. ففي عام 2017 «احتل لبنان المرتبة السادسة في المنطقة من حيث الرفاه المادي، متقدّماً على عمان وخلف بلدان مجلس التعاون الخليجي».

لكن «بحلول عام 2021 شهد لبنان تراجعاً كبيراً فخسر ثلاث مراتب وبات يحتل المرتبة التاسعة». ومن ناحية نصيب الفرد من الناتج المحلّي، حافظت جميع البلدان العربية على مراتبها العالمية، أكانت أعلى مـن المتوسـط العالمي أو دونه، باسـتثناء لبنان. ففي عام 2017 «بلغ نصيـب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في لبنان 124.3% من المتوسط العالمي»، أي إن نصيب الفرد من الناتج المحلي اللبناني كان يفوق المعدّل العالمي بنحو 24.3%. «لكن بحلول عام 2021 انخفـض إلى 41.4% من المتوسط العالمي».

وتراجعت حصة لبنان من الإنفاق الاستثماري في المنطقة «نظراً إلى الظروف الاقتصادية والمالية». فقد «انخفضت نسبة الاستثمار الإقليمي المنسوب إلى لبنان بشـكل حادّ من 2.7% في عام 2017 إلى 0.2% فقط في عام 2021، ما أدّى إلى تراجع لبنان من المرتبة العاشرة إلى المرتبة السادسة عشرة في الترتيب الإقليمي».

لم يكن لبنان من أكثر البلدان المكلفة معيشياً بين البلدان العربية، مع الأخذ في الاعتبار مماثلات القوة الشرائية. ففي عام 2017 «كانت جيبوتي والجمهورية العربية السورية أكثر البلدان كلفة، حيث بلغ مؤشر مستوى الأسعار فيهما 95.3% و92% من المتوسط العالمي على التوالي، بينما كان لبنان أقل البلدان كلفة في العالم العربي، حيث بلغ مؤشر مستوى الأسعار فيه نسبة 44.6% من المتوسط العالمي». وبحلول 2021 احتلّ لبنان المرتبة الرابعة عربياً حيث بلغ مؤشر مستوى الأسعار فيه 95.2% من المتوسط العالمي. وبذلك «تحوّل لبنان من كونه أقل البلدان تكلفة في عام 2017 إلى المرتبة التاسعة والثلاثين على قائمة أكثر البلدان كلفة في عام 2021».

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة