مريم مجدولين اللحام ـ نداء الوطن
من قلب "الدويلة" تحدّى حسن سنجر الدولة ونشر فيديو له عبر منصّة "تيك توك"، وهو الصادر بحقه قرار قضائي ظني بارتكاب جنح، في قضية مغتصبي الأطفال التي عُرفت إعلامياً بفضيحة شبكة "التيكتوكرز" في لبنان.
هكذا ببساطة، تجرّأ سنجر على الأجهزة الأمنية اللبنانية، فنشر المقطع المصوّر عند الساعة السادسة والنصف من ليل الأربعاء، مستهزئاً بالقضاء الذي دانه ويبحث عنه بتهم: اغتصاب الأطفال ومجامعة القصّر ما دون الـ 15 سنة، وأعمال منافية للحشمة، وتأليف عصابة أشرار وتبييض أموال والإتجار بالبشر والسّرقة وغيرها... وكأنّه يقول بصريح العبارة "أنا فوق القانون وبمأمن من تطبيقه عليّ"!
الشاهد والمغتصب الملك
"لكل من قال إنني هارب" كتب سنجر الكلمات هذه على مقطع الفيديو الذي يبدو أنه صوّره أمس في انتشاء أقرب إلى الاستقواء والاستعلاء، وبخلفية تظهر مباني مدمّرة بصواريخ العدوان الإسرائيلي على لبنان.
فيديو نشره للإشارة إلى أنه حرّ طليق يتجوّل في الجنوب، وأنه محميّ من الامتثال للعدالة كي يُحاكم بمواد جرمية تصل عقوبتها إلى 15 سنة سجنية، لتورّطه بجرائم اغتصاب أطفال وابتزازهم وإرغامهم على تعاطي المخدرات وغيرها من التفاصيل المأسوية التي تكشّفت تباعاً في أروقة التحقيق الاستنطاقي للموقوفين والشاهدين ومنها ما تم توثيقه من اعترافات علنية على البث التلفزيوني المباشر.
والسؤال يبقى: كيف عاد إلى لبنان بأريحية مفرطة، بعد صدور قرار قضائي بتوقيفه، وأفيد بأنه غادر البلاد في نهاية شهر آذار 2024، ثم صدر قرار ظني بحقه؟
"الشريك الملك"
تأيدت الوقائع بالأدلة ليَصدر بحق سنجر قرار ظني يستند إلى 15 تهمة تبعاً لقانون العقوبات أهمها الإتجار بالبشر واجتذابهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها وخداعهم مستغلاً ضعف هؤلاء الأطفال بالمقارنة معه وإعطاء البعض منهم مزايا أو أموالاً، ولإكراهه قُصّراً على الجماع وحرمانهم الحرية، وإجبارهم على ارتكاب أفعال منافية للحشمة بعد التهديد وإقدامه على اقتناء صور لضحاياه بقصد الاتجار بها أو توزيعها، ناهيك بتأليف عصابة أشرار وإقدامه مع آخرين بتقصّد على ارتكاب الجنايات على الناس والسرقة.
وسبق لسنجر أن قُدّم للإعلام بطريقة مبتذلة على أنه أحد المخبرين الذين ساهموا في كشف القضية كـ"شاهدٍ ملك"، ليتبيّن أنه شريك في العصابة، بحيث تعاملت بعض المنصات والقنوات الإعلامية مع القضية كأنها فضيحة مثيرة لا جريمة خطيرة.
من النبطيةّ
في هذا العصر التكنولوجي، لم يعد من الصعب تحديد موقع الفرد انطلاقاً من منصاته الإلكترونية، أو حتى انطلاقاً من فيديو أو خلفية معيّنة ظهر منها، حيث أن معالم المكان عادة ما تكون واضحة بشكل فاضح حين يكون الفارّ من العدالة مسنوداً إلى من يظنّ أنهم حماة له، محظياً بسلطة أعلى من سلطة القانون. وفي حالة سنجر، يُظهر المقطع الذي نشره على حسابه الخاص، الذي من المفترض أنه خاضع للرقابة الأمنية، مسجداً معروفاً في سوق مدينة النبطية خلفه، ولم نحتج في "نداء الوطن" أكثر من دقائق معدودة لتحديد موقع التصوير!
كما أن مشهد الدمار خلفه يؤكد تواجده في لبنان أقلّه بعد الحرب، فكيف عاد ودخل إلى لبنان بطريقة غير معروفة، بعد صدور مذكرة توقيف غيابية بحقه بسبب فراره من البلاد؟ّ!
من يحمي أطفال الجنوب؟
تظهر الوقائع أن حسن سنجر يتقصّد عدم التواري عن الأنظار، والحقيقة تقول إنه وقبل أن يشكل شخصه تهديداً لعموم أطفال لبنان، هو اليوم يهدّد أول من يهدد في نشاطه الجرمي أطفال بيئته التي تحتضنه وتقيه من المحاسبة والسجن. أما الملفت، فهو ما تبع فيديو سنجر من فيديو آخر لأحد مؤثري تيك توك يُدعى أ. ب.، يعيد إثارة الملف بتوقيت مشبوه أو "مدفوش" بهدف شكر الجهاز الأمني الذي كشف الملف وحقق فيه، متوعداً الأفراد الفارين من العدالة بالحساب وذكرهم بالإسم (كبيتر نفّاع وبول المعوشي..) من دون ذكر اسم حسن سنجر من بينهم.
يعدّ ما جرى في هذه الواقعة، بكل بتفاصيلها، تعبيراً صادقاً عن المستوى المتدني الذي وصل إليه التفلّت الأمني في الدويلة التي تحمي المطلوبين تحت مظلّات سياسية. لتتواصل نغمة إدانة كل صحافي يرفع الصوت ضدّ المحميين من المحاسبة على أنه من إعلام أهل الشر، وهو ما يكشف حالة البارانويا التي تتحكّم في عقل المتواطئين على مصلحة أهل الجنوب أولاً. فمن يُنقذ ويحمي القاصرين أبناء الجنوب من تواجد سنجر بينهم؟
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..