زينب حمود ـ الأخبار
دخلت أزمة السكن في الضاحية الجنوبية والنبطية وصور وضواحيها بعد وقف إطلاق النار مرحلة جديدة أكثر «خنقاً». فقبل 23 أيلول الماضي، كان أخطبوط الأزمة يطاول 100 ألف نازح من الجنوب، وبعدها وصلت أذرعه إلى عشرات آلاف العائلات التي خسرت منازلها خلال الحرب ولا تستطيع العودة إلى الضاحية والجنوب للعمل أو لالتحاق أولادهم بالمدارس.
قبل أن تضع الحرب أوزارها، استشرف بعض من خسروا منازلهم أزمة السكن، فأمّنوا منزلاً للإيجار في الضاحية أو الجنوب رغم ارتفاع مخاطر تعرضه للقصف، كمن يشتري سمكة في البحر، لكن بنصف سعرها. و«مع أولى ساعات سريان اتفاق وقف إطلاق النار، صبيحة الأربعاء الماضي، بدأت تردنا الاتصالات من طالبي منازل للإيجار في الضاحية وخلدة وعرمون وصور والنبطية، تجاوزت الـ 600 اتصال، مقابل عرض البعض منازلهم للإيجار والبحث عن شقق في عاليه والشوف وغيرها من المناطق الآمنة مع تجدد التوترات جنوباً، ولرغبة البعض في البقاء بعيداً عن ضجيج ورش إعادة الإعمار»، بحسب صاحب شركة للعقارات خالد ترمس. لكن الثابت، بحسب ترمس وغيره من السماسرة، وبحسب ما تشير صفحات معنية بالبيع والتأجير على مواقع التواصل الاجتماعي، أنّ الطلب يفوق العرض بأشواط. إذ «نؤمن مستأجراً لأيّ شقة بعد عرضها للإيجار بدقائق، وفي أيّ وقت. عرضنا شقة للإيجار في السان تيريز عند الثامنة مساءً، فحضر المستأجر بعد ساعتين ودفع إيجارها». ويؤكد أحد السماسرة في النبطية «أننا لا نلحق تلبية الطلبات على منازل للإيجار، إذ تردنا اتصالات في كل لحظة من سكان المنطقة أو أبناء القرى الحدودية الذين خسروا منازلهم ويعرفون أن عودة الحياة إلى طبيعتها في قراهم لن تكون قريبة».
هكذا سلّم أصحاب الشقق في الشمال والجبل «مهمّة استغلال الناس» إلى أصحاب الشقق في الضاحية والجنوب، الذين سرعان ما رفعوا البدلات ورموا الحجة على «السوق». البدلات المعقولة نادرة جداً، والسائد هو البدلات المضخمة، مثل عرض شقة مفروشة في الكفاءات من غرفتين مقابل ألف دولار، وبشرط تسديد 3 أشهر سلفاً، وأخرى في الغبيري مقابل 1200 دولار، وفي الجناح من سبع غرف مقابل 1500 دولار، وفي معركة (صور) شقة غير مفروشة بـ 600 دولار، وأخرى مفروشة في الحوش (صور) مقابل 1200 دولار. وحتى في الأماكن الشعبية كالأوزاعي تقارب الإيجارات الـ 400 دولار، فيما إيجار غرفتين في برج البراجنة يصل إلى 350 دولاراً. عدا الشروط التعجيزية مثل اشتراط تسديد 6 أشهر سلفاً، وشهر عمولة لإيجار شقة في السان تيريز مقابل ألف دولار. وهذا ما يعيده ترمس إلى «طمع أصحاب الشقق بالتعويضات ببدلات إيجار سنوية سيحصل عليها المتضررون دفعة واحدة»، متحدثاً عن «ارتفاع في أسعار الشقق بين 50 و70%، فالشقق التي كانت تؤجر بـ 200 دولار في حيّ السلّم صارت بـ 300، وفي المشرفية ارتفعت البدلات من 400 إلى 750 دولاراً، والأمر نفسه في النبطية حيث كانت الإيجارات في تول تقارب 150دولاراً، وتقارب اليوم 500 دولار».
تبحث ليليان منذ أسبوع عن منزل للإيجار، وتشكو «الأسعار الخيالية التي تبدأ بـ 700 دولار لشقق من 4 - 5 غرف غير مفروشة، وتقع في مناطق منكوبة، مثل محيط مستشفى بهمن حيث وجدت شقة للإيجار بـ 800 دولار وأخرى في بئر العبد بـ 900 دولار». ويبحث علي عن منزل في النبطية «كمن يبحث عن إبرة في كوم قش، فالشقق نادرة جداً والمتوفرة لا يقل إيجارها عن 500 دولار لغير المفروشة و700 دولار للمفروشة، وهذا لا يتناسب مع قدرتي الشرائية». ويتناقل المستأجرون معاناتهم مع أصحاب الشقق، بين من طلب منه صاحب الملك استعادة الشقة لتأجيرها بسعر أعلى، ومن طلب بعد وقف إطلاق النار رفع بدل الإيجار. ورغم كل ما سبق من «تعجيز»، لا يتردّد الباحثون في استئجار منازل غير مناسبة في مواصفاتها والمنطقة وبدل الإيجار، حتى إن هناك من استأجر شقة متضررة وتكفل بترميمها «لأنني خفت أن أخسرها».
إلى ذلك، بدأت لجان الكشف على الأضرار التابعة لحزب الله عملها في مختلف المناطق، على أن يبدأ قريباً جداً دفع بدلات إيواء وبدلات أثاث للمتضررين ريثما تتم إعادة إعمار ممتلكاتهم. وأوضح رئيس بلدية برج البراجنة عاطف منصور أن «اللجان بدأت عملها ووزعت فرق المهندسين على 11 مربعاً في برج البراجنة لإنجاز العمل بالسرعة الممكنة»، موضحاً «أن الأضرار كبيرة، وفترة الكشف لن تنتهي في يوم أو اثنين».
ونشرت بلدية البرج جدولاً بتفاصيل التعويضات التي «ستبدأ ببدلات إيجار تساوي 6 آلاف دولار سنوياً عن الشقق التي تقيم فيها العائلات بشكل أساسي، سواء كانوا مالكين أو مستأجرين قدامى، أما المستأجرون الجدد فسيحصلون على 2000 دولار لمرة واحدة. على أن يحصل جميع المتضررين عن سكنهم الأساسي على 8 آلاف دولار بدل أثاث. ولن يحصل المتضررون في منزلهم الثانوي على بدل إيجار، كما سيصرف بدل الأثاث لهم لاحقاً». ووضعت اللجان آلية للتعويض عن المنازل المتضررة جزئياً بعدما قسّمتها «ما بين منازل تحتاج إلى ترميم لمدة تتراوح بين 3 و5 أشهر (2000 دولار)، و7 و9 أشهر (4000$)». وفي ما يخصّ الترميم العادي المتعلق بالأبواب والشبابيك والزجاج وغيرها، «يمكن لأصحاب الشقق مباشرة التصليح بعد زيارة المهندسين وإعداد تقارير المسح، على أن يحتفظوا بالفواتير ليصار إلى صرفها لاحقاً وفق جدول أسعار محدد من الجهات المعنية». وستتكفل شركة وعد بإعادة إعمار المنازل المهدمة كلياً أو جزئياً، بحسب التعميم. وطبعاً، ستنسحب هذه التفاصيل على التعويضات عن الأضرار في بيروت، فيما تتحدث المعلومات عن تراجع بدلات الإيجار عن الشقق المتضررة خارج بيروت إلى 4 آلاف دولار سنوياً مع المحافظة على صرف 8 آلاف دولار بدل أثاث.