بوابة صيدا
بعد أن استدعاه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لاستشارته في شؤون الحرب على غزة، وأصغى جيداً إلى نصائحه وقبل قسماً منها وطبقها، خرج الجنرال المتقاعد إسحق بريك بدعوة صريحة إلى قادة الدولة الحاليين في الحكومة والجيش والمخابرات إلى الاستقالة فوراً، حتى يتاح انتخاب قيادات أخرى تعرف كيف تتخذ القرارات السليمة والحكيمة الضرورية.
وقال بريك، في تصريحات إذاعية وتلفزيونية ومقال بصحيفة «هآرتس»، الجمعة: «إذا لم نقم فوراً باستبدال المتسببين بالكارثة والفشل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فسنعيش في الوقت الضائع إلى حين قدوم الكارثة المقبلة على صورة حرب إقليمية لا يوجد الآن أي أحد ينشغل في الإعداد لها...
لقد حان الوقت لأن يعيد كل من أذنب في كارثة 7 أكتوبر الفظيعة، المفاتيح وينصرف إلى البيت. الأول من بينهم هو رئيس الحكومة، الذي يحاول دوماً إلقاء التهمة على آخرين. والحل الأمثل الآن هو إعطاء المفاتيح لمن سيحل محله في الليكود، الذي يجب انتخابه في الانتخابات الداخلية، وهكذا سيتم تجنب إجراء انتخابات جديدة. هذا هو الوضع المطلوب في هذه الأثناء لمواطني إسرائيل».
المعروف أن بريك (79 عاماً) جنرال سابق في الجيش، وكان مسؤولاً عن شكاوى الجنود، وهو ينتقد قيادة الجيش الإسرائيلي منذ سنوات طويلة، واليمين الحاكم بقيادة نتنياهو تبنى أفكاره وجعله قريباً منه. لكن خروجه ضد نتنياهو يشكل صفعة مدوية.
وطالب بريك وزير الدفاع، يوآف غالانت، أيضاً بالاستقالة على الفور، «لأنه يحمل ذنب الكارثة بشكل مباشر، وخلال الحرب أطلق تهديدات فارغة للعدو ليس لها أساس. وقد عمل شيئاً فظيعاً عندما قام بالضغط على نتنياهو لمهاجمة حزب الله في موازاة مهاجمة (حماس). لو أنه تمت الموافقة على توصيته لكنا الآن في حرب إقليمية يمكن أن تخرب إسرائيل. ببساطة مقامرة على حياة الدولة ومواطنيها. لا شك أن وزير الدفاع فقد التفكير العقلاني، حتى خلال الحرب. فقد استمر بالتهديد قائلاً إن مهاجمة لبنان مسألة وقت، رغم أنه لا يوجد أي أساس لتصريحاته.
بعد احتلال مدينة غزة أعلن أن المدينة والأنفاق فيها تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي بشكل كامل. وقال إنه لن يمر وقت طويل إلى أن يموت أو يستسلم جميع المخربين.
جميعنا نعرف أن أقواله هذه لا تجتاز اختبار الواقع. فقوات الجيش الإسرائيلي غادرت مدينة غزة ولم تستبدلها قوات أخرى، والمخربون عادوا إلى الأنفاق، إلى غزة وجباليا والزيتون والشجاعية، ومن هناك يديرون الحياة المدنية.
بعض جنودنا الذين يقومون باقتحامات على المخربين هناك يقتلون ويصابون بإصابات خطيرة. وأعان غالانت أيضاً للشعب في إسرائيل أن يحيى السنوار يهرب من نفق إلى آخر، وأن المستوى السياسي لـ(حماس) قرر استبداله، وأنه لا يؤثر على ما يحدث داخل (حماس).
وخلال بضعة أيام، سيلقي الجيش الإسرائيلي القبض عليه. كما هو معروف؛ السنوار يستمر في إدارة (حماس) مع مساعديه من مخبئه.
الخطر في تصرف غالانت غير العقلاني أن من شأنه أن يتخذ مزيداً من القرارات غير المنطقية التي ستورط إسرائيل في حرب إقليمية نحن غير مستعدين لها».
وتوجه بريك بالدعوة للاستقالة أيضاً إلى رئيس أركان الجيش، هرتسي هليفي، وغيره من الجنرالات في هيئة الأركان العامة. وقال: «هم يتحملون المسؤولية المباشرة عن الكارثة الأكثر فظاعة في تاريخ الدولة. هذا ليس موضوعاً لتقدير خاطئ، وحتى ليس مجرد فشل، هذا انهيار مطلق لكل القيم والمعايير والعبر وأعمال الإدارة، القيادة، المسؤولية والثقافة التنظيمية التي يقوم عليها الجيش الإسرائيلي.
يجب على رجال جيل الفوضى والفشل أن يقوموا بإخلاء المنصة الآن، والعودة إلى البيت ومحاسبة أنفسهم حتى آخر أيامهم».
ولم يكتفِ بريك بالقادة، بل توجه إلى قنوات التلفزيون، مطالباً بإقالة «للإعلاميين الذين سمحوا لأنفسهم بأن يصبحوا متحدثين بلسان الجيش الإسرائيلي، والذين يجلسون في الاستوديوهات بالملابس المدنية ويذرون الرمال في عيون الناس منذ سنوات. أحياناً يصفون واقعاً متخيلاً ليس له أي صلة بالواقع الحقيقي ويتسببون بضرر كبير.
إن معظم المراسلين والمحللين العسكريين في قنوات التلفزيون يرددون بيانات المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، خوفاً من أن يحاسبوا إذا وجهوا أي انتقادات... هؤلاء الإعلاميون عالقون عميقاً بين فكي كماشة المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي من أجل ألا يتم نبذهم.
العلاقات فيما بينهم تقوم على خذ وهات: المتحدث يقدم لهم المعلومات، الجولات، التقاط الصور في القواعد العسكرية وأثناء إجراء المناورات وحتى أثناء الحرب. وهم يسمعون من أجله الأقوال التي يريدون سماعها.
من يتجاوز انتقاده الخطوط الحمراء لقسم المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي يتم إبعاده عن المعلومات والجولات والتقاط الصور في وحدات الجيش الإسرائيلي ومصدر رزقه سيتضرر».
واختتم بريك قائلاً: «القادة الجدد الذين سيحلون محل زعماء الفوضى والفشل، يجب أن يخططوا لعملية إعادة بناء برؤية استراتيجية للمستقبل. تجب إعادة بناء الجيش وأمن الدولة؛ التشمير عن السواعد ووضع الاقتصاد والمجتمع في إسرائيل على المسار الصحيح؛ يجب التحرك وتحسين العلاقات مع دول العالم، الآخذة في الضعف إلى درجة أننا وصلنا إلى العزلة والنبذ من قبل الدول المتنورة.
فإذا لم نقم فوراً باستبدال المتسببين بالكارثة والفشل، فسنعيش في الوقت الضائع إلى حين قدوم الكارثة المقبلة على صورة حرب إقليمية لا يوجد الآن أي أحد ينشغل في الإعداد لها».
«الشرق الأوسط»