• لبنان
  • الأربعاء, تشرين الثاني 13, 2024
  • اخر تحديث الساعة : 5:01:39 م
inner-page-banner
مقالات

الحرب على غزة ـ هنا غزة.. هنا الشمال

بديعة النعيمي ـ بوابة صيدا

انتبه وأنت تعبر الشوارع المجرّفة والطرقات الترابية في بيت لاهيا وجباليا الواقعتين شمال غزة أن تتعثر بجثامين الشهداء المبعثرة هنا وهناك.

وإذا قررت التعريج على مستشفى كمال عدوان لا تنظر إلى أجساد الشهداء من الأطفال لئلا تخدش طهر سكينتهم.. ولا تحاول أن تبحث عن أكفان لهم، لأن الأكفان هناك لم تعد موجودة بسبب شدة الطلب عليها. ولا تحاول أن تدفن الجثامين لأن كل شبر في ساحة المستشفى فيها شهيد.. ولا تطلق مناشدات للأمم المتحدة وجمعيات حقوق الإنسان لفتح ممرات آمنة من أجل تقديم الخدمات الأساسية، لأن لا حياة لمن تنادي.... ولا تذهب للبحث عن الحفرة بعمق 15 مترا لتنقل ما حصل لمجموعة النساء والأطفال هناك لأنك ستصاب بالعار...

ولا تقدم على اللحاق بالنساء والأطفال الذين أجبرتهم آلة العدو الدموية على التحرك نحو مدينة غزة في عملية تطهير عرقي غير مسبوقة لأن الواقع قد يصدمك فلا تجد أحدا منهم، فتصاب بجلطة دماغية.... ولا تَشتُم كلبا إن رأيته ينهش أشلاء جثامين الشهداء، لأنه وكما يقولون "الجوع كافر"، بل اشتم من دفع الكلب ليقدم على النهش..

منذ أكثر من ثلاثة أسابيع وقوات الاحتلال تحاصر وتقصف ما تبقى من البنى التحتية من عمارات سكنيه ومستشفيات في شمال القطاع. ويذكر بأنها أقدمت يوم الجمعة الموافق 25 أكتوبر 2024 على اقتحام المستشفى الوحيد الذي لا يزال يعمل في المنطقة وهو مستشفى كمال عدوان الواقع في بيت لاهيا وأجبرت الطواقم الإسعافية والطبية على مغادرته وإخلاء المرضى واعتقال العشرات من المواطنين المتواجدين فيه وأجبرتهم على خلع ملابسهم ثم جمعتهم في ساحة المستشفى ثم لم يعرف مصيرهم.. وهذا واقع غزة فما بين مفقود أو شهيد أو معتقل.

وقد نشر الدكتور منير البرش تغريدة عبر صفحته على منصة "x" جاء فيها أن عدد الشهداء في شمال القطاع تخطى 800 شهيد خلال 21 يوما من الحصار من إجمالي 42800 شهيد منذ السابع من أكتوبر 2023.

ومن هنا يتضح بأن ما اقترفته دولة الاحتلال في غزة ضد أهلنا، تجاوز كل المواثيق والقوانين والأخلاقيات الأممية والبشرية بل واغتالتها بقسوة لا مثيل لها، ترافقها روح العنصرية المقززة التي تنادي بها تلاميذهم وكتبهم التي تسمى بالدينية، والتي تسوغ لهم ارتكاب المجازر والمحارق بهدف كسر إرادة الفلسطيني.

فما فعلته آلة حربهم التدميرية في القطاع عامة والشمال خاصة من تدمير للبنى التحتية ومجازر على مدار 24 ساعة شملت البشر والشجر والحجر فمن مجزرة مدرسة أبو حسين للإيواء إلى مجزرة مدرسة تل الربيع وغيرها الكثير، فهي لم تترك مجالا من مجالات الحياة إلا وألحقت به الدمار، متذرعة باستهداف "المخربين أو الإرهابيين" على حد زعمهم و "حق الدفاع عن النفس"، يدل على أن هذه الدولة المجرمة تنتقل من مرحلة جرائم الحرب إلى مرحلة خطيرة تساهم في إتمامها الولايات المتحدة وحلفائها من الغرب ومن الصهيوعرب، وهي مرحلة السيطرة على فلسطين بالكامل بعد إفراغها من أهلها.

والدليل ما يصرح به وزير المالية الاسرائيلي "بتسائيل سموتريتش" هذه الأيام حيث يقول:

"ندعو لتطبيق السيادة الإسرائيلية على أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة" ويقول أنّ الفلسطينيين الذين يوافقوا على تبني قرار السيادة الإسرائيلية على غزة والضفة سيتم منحهم مميزات المواطن الإسرائيلي، ومن يرفض ذلك فسيتم تهجيره، ومن يرفض كلا الأمرين فسيتم معاملته كـ "إرهابي" من قبل الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية في إسرائيل"

لذلك فنحن أمام مرحلة خبيثة تواجه بها غزة أكبر إجرام وأخطر مجرم على وجه الأرض، مجرم لا رادع لآلته التدميرية.

غير أن أهل غزة بمدنها ومخيماتها لم يعرفوا عبر حروبهم مع دولة الاحتلال سوى المقاومة والصمود والتضحيات. والعدو يعرف ذلك منذ بدايات قيام دولته.

فهذا "ديفيد بن غوريون" كان يخشي من اجتياح القطاع عام 48 و "إسحاق رابين" تمنى أن "يستيقظ ذات صباح ليجد غزة وقد ابتلعها البحر".

والعدو جبان، فهو يقابل كل شجاعة للمقاومة الفلسطينية بالمزيد من الإبادة، لكنه خاسر وكل المساحيق وعمليات التجميل التي يستخدمها لتجميل تلك الخسارات لن تغطي فشلهم في تركيع غزة ومقاومتها.

إنها غزة.. الشمس التي يعمى من يحدق فيها لو أطال التحديق.. هنا الأرض التي لن تسقط مهما حاولوا ومهما هدموا ودمروا وجوعوا.. وجه التاريخ الذي لن يمحوه عدو عابر... هنا صوت الحق الذي يصدح من بقايا المآذن ومن سلاح مقاوم ومن ميلاد الفجر المسنون على رماح النصر الموعود..

بوابة صيدا

الكاتب

بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..

مدونات ذات صلة