حسين مجدوبي ـ القدس العربي
تلمح إسرائيل إلى الرد على إيران بسبب عمليات القصف بما يفوق مائتي صاروخ، التي تعرضت لها الثلاثاء من الأسبوع الجاري، وذلك بضرب المنشآت النووية، وهي التي تدربت على هذا السيناريو سنة 2022.
ويحدث هذا وسط تحفظ من واشنطن التي لا تعرف بالدقة مستوى الدفاع الجوي الذي لدى إيران بعد استعراض الصواريخ الباليستية وفرط صوتية.
ومنذ ليلة الثلاثاء فاتح أكتوبر، تاريخ تنفيذ إيران لضربات على مختلف المناطق الأمنية والعسكرية في إسرائيل بصواريخ فرط صوتية وبالستية ومجنحة، تهدد إسرائيل بالرد الاستعادة الردع حتى لا تفقد الهالة الأسطورية التي أسستها طيلة عقود في الحروب التي خاضتها ضد جيوش منطقة الشرق الأوسط.
ومن ضمن التهديدات التي وردت على لسان قادة إسرائيليين، ولكن بدون توضيح كبير، فرضية الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية.
وتعتبر إسرائيل إيران الخطر الوجودي عليها بسبب البرنامج النووي، وهددت في عدد من المناسبات بتدميره. وكانت إسرائيل قد تدربت، خلال نهاية مايو 2022، على هذا السيناريو باستعمال مئة مقاتلة من جميع الأصناف والغواصات. غير أن هناك تحديات حقيقية ستواجه إسرائيل في مهمة الهجوم على إيران، لأن الأمر لا يتعلق بعملية مشابهة لتدمير المشروع النووي العراقي “تموز 1” خلال يونيو 1981 التي استخدمت فيها 16 طائرة من إف 16، بل بعملية ضخمة هذه المرة، إن لم تكن مستحيلة. ومن ضمن التحديات الكبرى:
أولاً، تواجه إسرائيل صعوبة في طريقة الوصول الى إيران لضرب منشآتها النووية، أو فقط الانتقام من ضربة الثلاثاء فاتح أكتوبر. إذ ستكون مضطرة للطيران عبر أجواء دول مثل الأردن وسوريا أو العربية السعودية. ولن تسمح هذه الدول للطيران الإسرائيلي العبور بأجوائها.
ثانياً، من ضمن الاستعدادات التي أقدمت عليها إسرائيل طلبها، سنة 2019، طائرات إف 35 بخزانات أكبر للوقود، حتى لا تحتاج إلى الطائرات- الخزان خلال تنفيذ ضربات ضد إيران، وبالتالي يمكنها الذهاب والإياب بدون الحاجة إلى الطاقة. لكن مقاتلة إف 35 بخزانات أكبر غير كافية من جهة، ولن تحمل القنابل الكافية لتوجيه ضربات قد تؤثر على منشآت محصنة بشكل كبير، علاوة على أنها ستفقد جزءاً من تقنية الشبح التي تتمتع بها حتى تتفادى الرصد من الرادارات. الطائرات الأخرى من نوع إف 16 وإف 15 ستحتاج للتزود بالوقود، وهذا سيجعلها في وضع صعب للغاية أمام الرادارات الإيرانية.
ثالثاً، لا تحبّذ الولايات المتحدة الهجوم الإسرائيلي على إيران، لأن البنتاغون لا يمتلك معلومات دقيقة بأنظمة الدفاع الجوي التي لدى إيران هل هي روسية من صنف إس 400، أو إيرانية غير معلن عنها، أو صينية. ومنطقياً، من نجح في صنع صواريخ باليستية وفرط صوتية، مثل حالة إيران، يمكنه صنع أنظمة دفاع جوي متطورة. ولا يريد البنتاغون سقوط أي إف 35 حتى لا يتكرر سيناريو المقاتلة الشبح إف 117 التي سقطت في صربيا سنة 1999 وحصلت الصين وروسيا على أسرارها، واضطر البنتاغون إلى التخلي عنها وإنتاج إف 35. ولدى البنتاغون تجربة صعبة مع إيران عندما أسقطت القوة الجيوفضائية الإيرانية مسيرة آر كيو 4 غلوبال هوك، خلال نوفمبر 2019، بنظام إيراني الصنع “سوم خرداد”، رغم التقنية العالية التي تتمتع بها هذه المسيرة.
رابعاً، بعثت طهران، عبر مختلف مسؤوليها، برسالة واضحة إلى إسرائيل أن أي رد عسكري منها سيعقبه رد إيراني قاس وغير تقليدي بتدمير جميع البنيات التحتية في إسرائيل، وخاصة العسكرية.
ونظراً لسرعة الصواريخ الإيرانية الباليستية وفرط صوتية، يبقى التساؤل: “إذا هاجمت إسرائيل بمقاتلات إف 35 إيران ونجحت، سترد إيران برد غير تقليدي، ووقتها هل ستجد المقاتلات مدرجات في إسرائيل صالحة لكي تحطّ فيها عند العودة؟
في غضون ذلك، يبقى التلويح الإسرائيلي بضرب إيران ضربات قوية مجرد شعارات بسبب التحديات الكبرى، وقد ترد رداً محدوداً بصواريخ بعيدة المدى قد تستهدف مناطق غير إستراتيجية دون التسبّب في قتلى.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..