سعيد محمد ـ الأخبار
أزالت «جويش كرونيكل»، أقدم صحيفة يهودية في العالم، سلسلة من المقالات المتعلقة بالحرب الإسرائيليّة المستمرة على غزّة من موقعها الإلكتروني بعدما تبيّن بأن مادتها لُفّقَت من قبل «صحافي مستقل» يُعتقد الآن على نطاق واسع بأنّه واجهة استخدمها الموساد الإسرائيلي لتمرير تقارير ومعلومات ذات طابع استخباراتي مُسيّس.
وصرّحت الصحيفة التي تصدر في لندن وتخفي هوية مالكيها أنّها حققت مع الكاتب، إيلون بيري، وأصدرت استتباعاً بياناً من فقرتين قالت فيه إنّها «غير راضية عن التفسيرات التي قدّمها الكاتب في ما يتعلق بمصادر معلوماته». وبينما عُلمَ أنّ بيري خدم سابقاً في «جيش الدفاع» الإسرائيلي، إلّا أنّه فشل في تفسير بعض ادعاءاته التي تبيّن أنّها عارية من الصحة.
وجاء في البيان أنّ ««جويش كرونيكل» أزالت مقالات بيري عن موقعها وأنهت كل ارتباطاتها معه، واعتذرت من القرّاء، وتعهدت بمراجعة أساليب عملها لمنع تكرار ذلك مستقبلاً.
تضمنت مقالات بيري معلومات استخباريّة حساسة زُعِمَ أنّ إسرائيل جمعتها عن زعيم حركة «حماس» يحيى السنوار وخططه، بالإضافة إلى تفاصيل حول عملية اغتيال سلفه إسماعيل هنية في طهران.
وقد روّج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزوجته سارة للمقالات عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ، ولكنّ صحافيين إسرائيليين شككوا في ادعاءات الكاتب، ووصفوا مقالاته بأنها متخمة بـ«افتراءات»، وأكدت صحف عبريّة بأنّ تسع مقالات نُشرت في عدد من الصحف الأوروبية، بما في ذلك واحدة في صحيفة «بيلد» الألمانية - إضافة إلى «جويش كرونيكل» - استندت إلى معلومات استخباراتية مشوّهة أو ملفقة زُرعت بغاية دعم مواقف نتنياهو بشأن الحرب على غزة. وقد اضطر متحدث باسم «الجيش» الإسرائيلي إلى وصف معلومات وردت في تلك المقالات بأنها «لا أساس لها من الصحة». كما اعتذر إيلون ليفي، المتحدث السابق باسم الحكومة الإسرائيلية عن مشاركته سلسلة المقالات الملفقة مع متابعيه على وسائل التواصل الاجتماعي البالغ عددهم 200 ألف. وسرعان ما تبيّن أيضاً أن مزاعم بيري حول خلفيته، بما في ذلك عمله المفترض كصحافي وأكاديمي، وأجزاء من سجله العسكري، غير صحيحة أو لا يمكن إثباتها.
لكن بيري قال لصحيفة الـ «أوبزرفر» الأسبوعية البريطانية إن «جويش كرونيكل» ارتكبت خطأً بسحبها مقالاته، ووصف الانتقادات الموجهة إليه على أنّها «مطاردة سحرة كيدية بسبب الغيرة المهنيّة عند الصحافيين ووسائل الإعلام الإسرائيلية الذين لم يتمكنوا من الحصول على التفاصيل التي تمكنت من الحصول عليها».
تُعد هذه القضيّة الأحدث في أزمة وجوديّة للصحيفة التي تأسست عام 1841 وظلت دوماً من أهمّ المنابر اليهودية في أوروبا، ولكن الحرب على غزّة تسببت في حالة من الذعر في الأوساط اليهودية الليبراليّة بشأن توجهاتها حيث أصبحت شديدة التطرف، وانحازت علناً إلى اليمين الإسرائيلي تحت رئاسة تحريرها الحالي، جيك واليس سيمونز. وقد أدى الجدل الأحدث بشأن مقالات بيري إلى استقالة عدد من كتّاب الأعمدة البارزين في الجريدة. كما حاول عدد من الصحافيين الاستقصائيين في بريطانيا البحث في هوية مالكيها لكن دون جدوى.
وكان تحقيق نُشر في مجلة بروسبكت الشهريّة البريطانية قد أشار إلى أنها ممولة من قبل ملياردير أميركيّ، لكن مصادر الصحيفة نفت ذلك بشدة. وأعلن أربعة من أشهر كتّاب الأعمدة في الصحيفة وهم ديفيد بادييل، وجوناثان فريدلاند، وديفيد آرونوفيتش، وهادلي فريمان، أنّهم استقالوا احتجاجاً على ما وصفوه بـ«الفضيحة». وكتب فريدلاند إلى رئيس التحرير قائلاً إنه سيترك الصحيفة التي أسهم فيها لمدة 26 عاماً، وقد كتب لها والده أيضاً منذ عام 1951، بعد أن أصبحت «جويش كرونيكل» مجرّد أداة حزبيّة وأيديولوجيّة ومواقفها سياسيّة، لا صحافيّة. وأضاف: «بالطبع، كل الصحف ترتكب أخطاء وتنشر مقالات لا ينبغي نشرها. لكن المشكلة في حالة «جويش كرونيكل» أنّه لا يمكن أن تكون هناك مساءلة حقيقية لأنّ المالكين يرفضون الكشف عن أنفسهم».
وقالت فريمان التي تكتب للـ «صنداي تايمز» أيضاً إنّ فضيحة بيري «جعلت من المستحيل» بالنسبة إليها البقاء في الـ«كرونيكل». وتطبع «جويش كرونيكل» أقل من 16 ألف نسخة أسبوعياً، يوزع جزء كبير منها مجاناً على المصالح اليهودية في بريطانيا، ولكنّها تقول إن موقعها الإلكتروني يحظى بأكثر من مليون زائر شهرياً.
بوابة صيدا موقع إخباري متنوع ينطلق من مدينة صيدا ـ جنوب لبنان، ليغطي مساحة الوطن، والأمة العربية، والعالمين الإسلامي والغربي.. يقدم موقع (www.saidagate.com) خدمة إخبارية متنوعة تشمل الأخبار السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإسلامية، والمقالات المتنوعة.. تقوم سياسة الموقع على الحيادية، والرأي والرأي الآخر، يستقي الموقع أخباره، من تغطيته للأحداث، ومن وكالات الأنباء العربية والعالمية..