دشّنت 6 أحزاب معارضة مصرية جبهة شعبية تحت عنوان “الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية- حق الناس”.
وتضمنت الأحزاب التي شاركت في تأسيس “الجبهة”، “الاشتراكي المصري”، و”العربي الديمقراطي الناصري”، و”التحالف الشعبي الاشتراكي”، و”الكرامة”، و”الشيوعي المصري”، و”الوفاق القومي الاجتماعي”.
وجاء في البيان التأسيسي للجبهة أن مصر تعيش أزمة غير مسبوقة في تاريخها المعاصر، لا يمكن اختزالها في مجرد أزمة اقتصادية معيشية غير مسبوقة، بل إن الأزمات المختلفة تواصلت في مركب واحد مشكلة أزمة عامة وشاملة، تتعدد أبعادها المحلية والإقليمية والدولية، الوطنية والسياسية، والديموقراطية، والاقتصادية، والاجتماعية.
وانتقد البيان دخول البلاد في اتفاقيات متعددة مع صندوق النقد الدولي، منذ عام 2016، وقال إن هذه الاتفاقيات وضعت البلاد على طريق وصفة وروشتة خاطئة، لم تؤدِ سوى إلى تزايد الدين العام داخلي وخارجي، وانفلات الأسعار، وانهيار قيمة العملة المحلية.
وتناول البيان كيفية إسراف النظام في الاستدانة، ومضاعفة ديونه الداخلية والخارجية نحو أربعة أضعاف، حتى وصل إلى العجز عن الوفاء بأعباء ديونه الضخمة، فخضع للتدخلات الأجنبية وتنفيذ شروطها حتى قزّم مصر، فلم تستطع رفع رأسها أمام عدوان إثيوبيا على مياهها، أو اعتداء الكيان الصهيوني على سيادتها وأمنها القومي، والاعتداء على الشعب الفلسطيني الشقيق.
وتابع البيان: أدى ذلك إلى الخضوع لتوصيات صندوق النقد الدولي وشروطه في التقشف الذي يضر بالاحتياجات الشعبية من أجور عادلة خدمات تعليم وصحة وغيرها. كما باع وفرّط في الأصول والمصانع والأراضي والمرافق المصرية، والاستقلال الاقتصادي للبلاد، كما قام النظام بخفض الجنيه المصري أمام الدولار إلى سبع قيمته (من 7.1 جنيه للدولار إلى حوالي 50 جنيها).
وأكدت الأحزاب أن الوضع الخطير الذي تشهده مصر يتطلب إيلاء أهمية كبيرة لقضية الإصلاح السياسي، ووقف أسلوب الإدارة الفردية العشوائية الحالية للاقتصاد الوطني، وهو ما تجمع عليها كافة القوى السياسية الوطنية.
ورأت الأحزاب ضرورة تشكيل أوسع جبهة شعبية تواجه قضية الإفقار الواسع الراهن للجماهير الشعبية وتعارض وصفة وروشتة صندوق النقد الدولي التي تفرض تلك التبعية، وتتبنى بوضوح رؤية وإستراتيجية للعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية المستقلة المعتمدة على الذات، بما في ذلك معارضة مجمل نهج التبعية وكامب ديفيد، بما تتضمنه من التطبيع مع الكيان الصهيوني.
وأكدت الأحزاب أنها ستواصل العمل مع كل القوى الساعية إلى دمقرطة الحياة السياسية بإلغاء كافة القوانين المعادية للحريات، وإطلاق سراح كل سجناء الرأي، وصياغة قانون انتخابي ديمقراطي يلغي القوائم المطلقة الإقصائية، ويطلق حرية تكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات الأهلية بالإخطار، ويرفع الحظر والقيود على المواقع الإعلامية، مع الالتزام بحق المواطنين في التنظيم والتجمع والتظاهر السلمي.
ولفتت إلى ضرورة أن يترافق مع ذلك اقتصادياً وقف الإدارة بالمشروعات والأوامر والفرص، والاتجاه إلى الإدارة بإستراتيجيات وسياسات اقتصادية تنموية، وأولويات متفق عليها ديموقراطياً، ووقف الإسراف في الاستدانة، ومراجعة كافة المشروعات التي لا تحظى بأولوية، والتي ليس لها عائد تنموي، وإلغاء قوانين تحصين الفساد، والعودة للشفافية، وإلغاء الصناديق الخاصة، والعودة لمبدأ وحدة وشمول الموازنة، وإدارة الدولة على أسس ديمقراطية سليمة، تتضمن أوسع تشاور ديموقراطي قبل إقرار أي رؤى وإستراتيجيات وسياسات أساسية ومصيرية، والتوقف عن الحكم والإدارة بشكل أحادي وفردي.
وبحسب البيان، تسعى الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية للعمل من أجل العدالة الاجتماعية والتنمية المستقلة، ورفض نهج التبعية والتطبيع.
وفي ما يخص العدالة الاجتماعية، تناول البيان 5 نقاط تمثّلت في التمسك بتطبيق ورَدَ في الدستور المصري من عدالة اجتماعية تتضمن التقليل المتواصل للفوارق في الدخول والثروات، واستمرار الدولة في ممارسة دورها والتزاماتها تجاه حق المواطن في الفرص المتكافئة في شتى المجالات، وفي الحياة الكريمة، وحقه في العمل والصحة والسكن والتعليم والخدمات الثقافية والخدمات العامة، وسن التشريعات التي تؤمنه من أي إجراءات تعسفية، أو الانتقاص من حقوقه أثناء مراحل العجز والشيخوخة.
كما تضمنت النقاط الالتزام بنصوص الدستور التي تقرر ألا يقل الإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمي مجتمعة عن 10% من الناتج المحلي الإجمالي، تزيد تدريجياً حتى تصل إلى النسب العالمية التي تبلغ ضعف ذلك، بدلاً من مجرد 2.9 في المئة الواردة حالياً في آخر موازنة للدولة، وضرورة تقرير هيكل عادل للأجور يكفل للفرد حياة كريمة، وإصلاح نظام المعاشات والتأمينات، ومساواة الحد الأدنى للمعاشات بالحد الأدنى للأجور، وإقرار مبدأ ربط الأجور بالأسعار، والالتزام بدعم الخبز وعدم المساس به.
وفي ما يخص بند التنمية المستقلة، دعت الأحزاب إلى وضع خطة عاجلة للاكتفاء الذاتي إلى أقصى حد ممكن من المحاصيل الرئيسية، كالقمح والذرة والفول والعدس والزيوت، والانتقال من الاقتصاد التابع، وغلبة الطابع الريعي، وسيادة نمط الاستثمار العقاري والتجاري الاحتكاري إلى اقتصاد تنموي إنتاجي صناعي زراعي متوجه إلى إشباع الاحتياجات الأساسية للشعب المصري، والتركيز على تطوير هيكل صناعي متكامل ومتطور، والسعي لامتلاك التكنولوجيا اللازمة لذلك.
كما أكدت الأحزاب على ضرورة الاهتمام بالتنمية البشرية من خلال إيلاء التعليم والصحة وكل ما من شأنه رفع كفاءة وإنتاجية ورفاهية أفراد شعبنا، والوقف الفوري لسياسة الخصخصة وبيع وتبديد أصول الدولة، وفتح تحقيق شامل في كافة العمليات والإجراءات التي صاحبت خصخصة وبيع شركات ومصانع القطاع العام للوقوف على عمليات الفساد وإهدار أموال الدولة.
وأكدت الأحزاب رفضها مجمل نهج التطبيع والتبعية السياسية، ودعت إلى قطع العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع العدو الصهيوني، وإلغاء كافة المعاهدات الموقعة في هذا السياق، وفي مقدمتها كامب ديفيد ومعاهدة السلام وتجريم كافة أشكال التعامل والتطبيع مع العدو الصهيوني.
كما أكدت على ضرورة الردع الشامل والحاسم بكل الوسائل لانتهاك السيادة المصرية وتهديد الأمن القومي المصري، والتي يأتي في مقدمتها ردع العدو الصهيوني والدفاع عن حق مصر في مياه النيل وتقديم كافة أشكال الدعم للمقاومة الفلسطينية.
وختمت الأحزاب بيانها بدعوة المواطنين إلى تأسيس لجان شعبية في كل ربوع الوطن للضغط على السلطة السياسية للتراجع عن الإجراءات التي تتخذها وتسبّبت في الأزمة التي تعيشها البلاد، مستخدمين كافة الوسائل السلمية والحقوق الديمقراطية التي انتزعها الشعب وأقرها الدستور، والاستفادة من كل أشكال العمل السياسي والإعلامي والبرلماني والقانوني السلمي الديمقراطي.
(القدس العربي)